. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
صاحب (?) الأصول الصحيح عند أهل العلم بالأثر أنه بعث على رأس ثلاث وأربعين سنة. انتهى. فكان فى «اقرأ» نبوته وفى «المدثر» رسالته بالنذارة والبشارة والتشريع، لأن هذا قطعا متأخر عن الأول، وحكمته تضمن تلك الآيات، من أقراء أطوار الآدمى من الخلق والتعليم والإفهام، فناسب تقديمه رعاية للترتيب الطبيعى، بذكر ما أسدى إليه صلى الله عليه وسلم من العلم والفهم والحكمة والنبوة، فى معرض تعريف عباده بما أسدى إليهم من نعمة البيان الفهمى، والنطقى، والخطّى، ثم أمره تعالى بأن يقوم ويكشف عن ساق الجدّ والاجتهاد فى تبليغ عباده ما حباه به من وحيه وشرعه. (فأقام بمكة عشر سنين) رسولا، وثلاث عشرة سنة نبيا ورسولا، كما تقرر على رواية أن عمره خمس وستين سنة، يكون أقام بها خمس عشرة سنة وأول ما وجب الإنذار والدعاء إلى التوحيد، ثم فرض الله من قيام الليل ما ذكره أول سورة المزمل، ثم نسخه بما فى آخرها، ثم نسخه بإيجاب الصلوات الخمس ليلة الإسراء بروحه وجسده، يقظة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به منه إلى فوق سبع سموات، ثم رأى ربه بعين رأسه على الأصح (?)، ثم أوحى إليه ما أوحى [فسمع كلامه] (?) وإنما اختص موسى بالكليم (?)، لأنه سمعه وهو فى الأرض، وكان مما أوحاه الله إلى نبيه أن فرض عليه الصلوات ثم انصرف من ليلته إلى مكة، فأخبر بذلك، فصدقه أبو بكر وسائر المؤمنين، فكان ذلك بعد المبعث بخمس سنين، كما رجحه النووى، واحتج له بما يرده أن خديجة ماتت قبل فرض الخمس، فيلزم موتها قبل الإسراء، وموتها قبل الهجرة بثلاث سنين، فلزم أنه بعد المبعث بأكثر من سبع سنين، وعليه فكان قبل الهجرة بسنة، وادعى ابن حزم فيه الإجماع، وقيل: لسنة وخمسة أشهر، وقيل: لسنة وثلاثة أشهر، ولما أراد الله إظهار دينه، وإعزاز نبيه، وإنجاز موعده له، خرج صلى الله عليه وسلم إلى منى، فلقى ستة من الأنصار فآمنوا به عند عقبتها، فقال لهم: «تمنعون ظهرى حتى أبلغ رسالة ربى» فواعدوه الموسم القابل، فجاء منهم اثنى عشر، فأسلموا وبايعوه، ثم انصرفوا إلى المدينة، فأظهر الله