284 - حدثنا على بن حجر، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن حميد، عن أنس ابن مالك، أنه سئل عن صوم النبى صلى الله عليه وسلم، فقال:
«كان يصوم من الشّهر حتّى نرى ألا يريد أن يفطر منه، ويفطر حتّى نرى أنه لا يريد أن يصوم منه شيئا، وكنت لا تشاء أن تراه من اللّيل مصلّيا إلاّ رأيته مصليا، ولا نائما إلاّ رأيته نائما».
ـــــــــــــــــــــــــــــ
284 - (نرى) أى نظن بالنون والياء متكلما أو غائبا. (أن) مخففة من الثقيلة. (لا تشاء. . .) إلخ، لا: نافية داخلة على محذوف أى: ليس من زمن من أزمنة الليل تريد أن تراه فيها متهجدا إلا رأيته كذلك، وليس من زمن تلك الأزمنة تريد أن تراه فيها نائما إلا رأيته نائما، والحصر فى ذلك إضافى باعتبار تفاوت هذين الحالين عليه مع غلبة التهجد على النوم تارة وعكسه أخرى فالحكم للغالب، فبهذا الاعتبار صح الحصر فى كل من الطرفين، وتبين أنه لم يكن له زمن معين لأحدهما لا يختل عنه، كما هو شأن أصحاب الأوراد الباقين مع نفوسهم، فعاداتهم التى توطنت نفوسهم عليها فلم يكن فى تركها كبير مشقة، وهذا الذى ذكرته، وإن لم أر من سبقنى إليه أولى وأظهر فى المعنى من قول بعضهم: لعل هذا التركيب من باب الاستثناء على البدل وتقديره على الإثبات أن يقال: إن شاء رؤيته متهجدا رأيته متهجدا، وإن شاء رؤيته نائما رأيته نائما، وقوله:
«إلا إن رأيته» معناه: إلا وقت إن رأيته والتقدير: وقت مشيئتك أبدا يكون وقت الصلاة، أو النوم بالاعتبارين السابقين فى رواية: «إلا رأيته رأيته» هو على حذف مضاف أى: إلا زمان رؤيتك إياه، فالتقدير هنا كهو فيما قبله، وإيهام بعض الروايات خلاف ما تقرر غير مراد لما دل عليه مجموع الأحاديث، والحاصل: أن أمره صلى الله عليه وسلم فى صومه وصلاته كان على غاية من الاعتدال، ومجانبة الإسراف والتقصير، والإفراط والتفريط، ينام أو أن ينبغى أن ينام فيه كأول الليل ويصلى، أو أن يصلى فيه كأواخره،