. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
التزوج عليها لأنها لم تزدد معه إلا كمالا وعزا فالنفع باق معه كيف وقد حباها من العلم وكمال التربية ما فاقت به سائر أمهات المؤمنين إلا خديجة رضى الله عنها وزعم بعضهم محتجا بأنه مما أفيض بها عليه أنه أراد أنه لها كأبى زرع حتى فى المفارقة لأنه سيفارقها وتحرم من منافع دينية كانت تأخذها منه انتهى، وأنت فى هذا لا يرضى نسبته إليه إلا من عدم تمييزه من وراء التأمل على أن هذا الزاعم يجهل أن أمهات المؤمنين بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فى حكم الزوجات ولذا وجبت نفقتهن وحرم نكاحهن فلم يحصل لعائشة بالموت إلا فراق صورى وليس هو كفراق أبى زرع بوجه فلا يراد ذلك من قوله: «كأبى زرع لأم زرع» لا يخفى ذلك على أدنى متبصر وفى هذا الحديث من الفوائد منها: ندب حسن المعاشرة للأهل، وحل الإخبار عن الأمم الخالية، وحل السمر فى الخير لملاطفة زوجة، وأن المشبه لا يعطى حكم المشبه به من كل وجه، لأن أبا زرع طلق أم زرع، وهو لم يطلق عائشة، وأن كناية الطلاق لا يقع بها الطلاق، إلا بالنية، إذ المشبه به يحتمل حتى فى الطلاق ومع ذلك لم يؤثر، لأنه صلى الله عليه وسلم لم ينوه به، وذكر لك المفيد ما مر، لا يمنع كون اللفظ محتملا حتى الطلاق، فيؤثر بنيته، خلافا لمن نازع فى ذلك بما يحذره، فيه أنه لم يحط بكلام الأئمة فى الطلاق وأن الغيبة إنما تكون فى معين والحكاية على غير معين مما يكرهه كما هنا لا غيبة فيها والمراد: عدم التعيين عند المتكلم والسامع، فإن كان معينا عند المتكلم دون السامع، فالذى رجحه القاضى عياض: أنه لا حرمة، ح وقضية مذهبنا خلافه، لأن أئمتنا صرحوا بحرمة الغيبة بالقلب، وبالضرورة، إن الغيبة بالقلب لا يطلع عليها أحد، فإذا حرمت به فأولى حرمتها باللسان ولو بحضرة من لا يعرف المغتاب، وقول القاضى نقلا عن غيره: لا يكون غيبة ما لم يسم صاحبها باسمه، أو ينبه عليها بما لا يفهم منه غيبة، رأى له، وهؤلاء النسوة مجهولات الأعيان على أن أزواجهن لم يثبت لهم إسلام، أو أنا لن نحرم غيبتهم لو تعينوا، فكيف مع الجهل؟ وح، ففى أخذ الأخير من الحديث نظر، لأن عائشة إنما ذكرت نساء مجهولات ذكرن عن مساوئ أزواج مجهولين ومثل ذلك لا يتوهم أنه غيبة.
***