قالت الحادية عشرة: زوجى أبو زرع، وما أبو زرع، أناس من حلىّ أذنى، وملأ من شحم عضدىّ، وبجّحنى فبجحت إلىّ نفسى. وجدنى فى أهل غنيمة بشقّ، فجعلنى فى أهل صهيل وأطيط، ودائس، ومنقّ، فعنده أقول فلا أقبّح، وأرقد فأتصبّح، وأشرب فأتقمح.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المزهر بضم الميم وكسر الهاء، وهو موقد النار للأضياف فهن إذا سمعن صوته أيقن بالهلاك. خطأه القاضى؛ بأنه لم يرو أحد بضم الميم، وبأن كسرها مشهور فى أشعار العرب، وبأن لا نسلم له أن هؤلاء النسوة من غير الحاضرة، لما مر أنهن من قرى مكة، أو عدن. (وما أبو زرع) فيه ما مر فى: وما مالك. (أناس) بالنون والمهملة أى حرك.
(من حلى) بضم أوله وبكسره، وبالتنكير للتعظيم. «أذنى» بالتثنية أى هما يزنيان أى يتحركان لكثرة ما فيهما من الحلى (وملأ من شحم عضدى) أى سمننى بالتربية فى التنعم، وملأ بدنى شحما، ولم ترد اختصاص العضدين، بل إنهما إذا سمنا سمن غيرهما، وقيل: إنما خصتهما لمجاورتهما للأذنين. (وبجحنى فبجحت إلىّ نفسى) بكسر الجيم وفتحها، والكسر أفصح أى وفرحنى ففرحت، أو عظمنى فعظمت عند نفسى، من تبجح بكذا أى تعظم وافتخر. (غنيمة) بضم أوله مصغرا للقليل. (بشق) بكسر المعجمة، وهو المعروف لأهل الحديث مع كونى وإياهم فى جهد ومشقة، وبفتحها وهو المعروف لأهل اللغة اسم موضع أى بناحية شاقة أهلها فى غاية الجهد لقلتهم وقلة غنمهم. (صهيل) هو صوت الخيل. (وأطيط) هو صوت الإبل، أرادت أن أهلها كانوا أصحاب غنم لا خيل ولا إبل، والعرب إنما يعدون بأصحابهما دون أصحاب الغنم (ودائس) اسم فاعل من الدوس وهو البقر الذى يدوس الزرع فى بيدره. (ومنق) بضم الميم أيضا وفتح النون وتشديد القاف أى ينقى الطعام بعد درسه من تبنه وقشوره بغربال أو غيره، وتقييد الهروى بالغربال، ليس بشرط، وأرادت بذلك أنه صاحب زرع تدوسه وتنقيه، وقيل: يجوز كسر نونه، وأنكره أبو عبيدة، ورد بأنه من النقيق: وهو صوت الدجاجة والزحمة، أى: جعلنى فى المطاردين للطيور عن الحب كناية عن كثرة زرعهم ونقيقهم، سمى هذا منقى، لأنه إذا طرد الطير نقق أى: صوت، فيصير هو أغنى المطارد ذوى نقيق، وقيل: الأولى تفسير النقق بمذابح الطير لا أنه عند ذبحه نقيق، فيصير هو ذا نقيقى أى: من أهل ذابحى الطير وطاعمى لحومها فهو كناية عن كونه رباها