. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تروها من جنود الملائكة ما كان سببا للنصرة والطفر (على بغلته) زاد مسلم البيضاء، وهى دلدل وركوبه لها مع عدم صلاحيتها للحرب كر، أو فر، ومن ثمة لم يسهم لها، ومع أنها فى العادة إنما هى من راكب الطمأنينة، وأن الملائكة الذين قاتلوا معه فى ذلك اليوم لم يكونوا إلا على الخيل لا غير، ومع أنه كان له أفراس متعددة فى مواطن الحرب، سيما عند اشتعال نارها كهذا الاشتعال الذى هو النهاية المقصودة فى الشجاعة والثبات، إعلاما بأن سبب نصرته، وظفره، ومدده السماوى، وتأييده الإلهى الخارق للعادة وبأنه ظاهر الزمان والمكان، ليرجع إليه المسلمون، وتطمئن قلوبهم بمشاهدة جمال ذاته وجليل آياته كركضه بها فى نحر العدو مع فرار الناس عنه، ولم يبق معه إلا أكابر الصحابة، وأهل بيته، وكنزوله عنها إلى الأرض مبالغة فى الثبات والشجاعة، أو مواساة فى مثل هذا المقام للماضين معه من أصحابه. (بلجامها) ليكفها عن أن تقع به فى نحر العدو وتارة بركابها، والعباس بلجامها (أنا النبى لا كذب) أى: حتما فلا أفر ولا أزول، إذ صفة النبى يستحيل معها الكذب، فكأنه قال: أنا النبى والنبى لا يكذب، فلست بكاذب فيما أقول حتى أنهزم، بل أنا متيقن أن ما وعدنى الله من النصر حق، فلا يجوز علىّ الفرار، ومن الشاهد هنا أيضا ما قيل: من فتح باء كذب وكسر الباء من المطلب. (أنا ابن عبد المطلب) فيه دليل لجواز قول الإنسان فى الحرب أنا فلان ابن فلان، ومنه قول على رضى الله عنه «أنا الذى سمتنى أمى حيدره» أى: أسد وقول سلمة أنا ابن الأكوع، والمنهى عنه قول ذلك على وجه الافتخار، كما كانت الجاهلية تفعله، وانتسب لجده عبد المطلب دون أبيه عبد الله، لأنه توفى شابا فى حياة أبيه، فلم يشتهر كاشتهار أبيه، إذ كانت شهرته ظاهرة شائعة، ومن ثم نسب إليه فى نحو قول ضمام: أيكم ابن عبد المطلب؟ وأيضا، فاشتهر عندهم أنه بشر بأن النبى صلى الله عليه وسلم سيظهر، ويكون له شأن عظيم لما أخبر به سيف بن ذى يزن، وأنه رأى رؤيان لعلى ظهوره، فأراد النبى صلى الله عليه وسلم يذكرهم بجميع ذلك بأنه لا بد من ظهوره على الأعداء ليقوى نفوس المؤلفة ونحوهم.