. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

نغلب اليوم من قلة، فشق ذلك على النبى صلى الله عليه وسلم ثم ركب بغلته البيضاء، ولبس درعين والمغفر والبيضة، واستقبلهم من هوازن لم يروا مثله قط من السواد والكثرة، وذلك فى غلس الصبح وخرجت الكتائب من مضيق الوادى، فحملوا حملة واحدة فانكشفت خيل بنى سليم مولية، وتبعهم أهل مكة والناس، ولم يثبت معه صلى الله عليه وسلم يومئذ إلا عمه العباس، وأبو سفيان ابن عمه الحارث، وأبو بكر، وأمامة فى أناس من أهل بيته وأصحابه، قال العباس: وأنا آخذ بلجام بغلته أكفها مخافة إلى أن يصل إلى العدو، لأنه كان يتقدم إلى العدو وأبو سفيان آخذ بركابه، وجعل يأمر العباس بمناداة الأنصار وأصحاب الشجرة، أى شجرة بيعة الرضوان فناداهم، وكان صيتا يسمع صوته من ثمانية أميال، فلما سمعوه، أقبلوا كأنهم الإبل حنت إلى أولادها يقولون: يا لبيك يا لبيك، فتراجعوا حتى أن من لم يطاوعه بعيره نزل عنه ورجع ماشيا، فأمرهم صلى الله عليه وسلم أن يصدقوا الحلة واقتتلوا مع الكفار، ولما نظر إلى قتالهم قال: الآن حمى الوطيس، وهى تنور الخبز ضربه مثلا، إذ لم يسمع من أحد قبله لشدة الحرب التى شبه حرها حره وتناول حصيات من الأرض ثم قال: شاهت الوجوه» (?) أى: قبحت «ثم رمى بها فامتلأت عين كل مشرك منها»، وفى رواية مسلم: «من تراب الأرض» فأحداهما مجازا، ورمى بكل أو خلطهما ورمى بهما، وفى رواية عند أحمد وأبى داود والدارمى: «أن المسلمين لما ولوا نزل صلى الله عليه وسلم عن فرسه وضرب وجوههم بكف من تراب فحدث أبناؤهم عنهم أنهم قالوا: لم يبق منا أحد، إلا امتلأت عيناه وفيه ترابا سمعنا صلصلة رمى السماء كإمرار الحديد على الطشت الجديد» (?) بالجيم، ولأحمد والحاكم عن ابن مسعود «أن سرج بغلته مال، فقال: ارتفع يرحمك الله، فقال: ناولنى كفا من تراب فضرب وجوههم، وامتلأت أعينهم ترابا، وجاء المهاجرون والأنصار بسيوفهم بأيمانهم كأنهم الشهب فولى المشركون الأدبار» (?)، وفى رواية: «عن رجل كان منهم لما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015