قال أبو عيسى: وفقه هذا الحديث: أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يمازح. وفيه: أنه كان غلاما، فقال له: «يا أبا عمير».
وفيه: أنه لا بأس أن يعطى الصبى الطير ليلعب به وإنما قال له النبى صلى الله عليه وسلم: «يا أبا عمير، ما فعل النغير؟» لأنه كان له نغير يلعب به، فمات، فحزن الغلام عليه، فمازحه النبى صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أبا عمير، ما فعل النغير؟».
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الجزم بأن عمير تصغير عمر وليس بعلم، مع أن المشهور أنه علم متعارف كثيرا، وح صح الأخذ ولم يندفع بما ذكر فتأمله. (النغير) بنون فمعجمة تصغير النغير جمع نغرة كبرة، وهو طائر كالعصفور. (ما فعل النغير) أى ما شأنه وحاله؟ (وفيه أنه كنى. . .) إلخ أى فلا يدخل ذلك فى باب الكذب، لأن القصد من الكنية التعظيم والتعادل لاحق فيه اللفظ من إثبات أبوه أو بنوه للصغر قال البغوى: وفيه جواز السجع فى الكلام، والنهى عنه، محمول على ما فيه تكلف. (لا بأس. . .) إلخ قيل يؤخذ منه: أن صيد المدينة مباح بخلاف صيد مكة اه وهو غلط، وأى دلالة على ذلك، فإن ذلك الطير من أين فى الحديث أنه اصطيد فى الحرم، وليس احتمال اصطياد فيه، أولى من احتمال اصطياده خارجه، وفيه أيضا: أنه لا بأس بحبس الطير فى القفص لرؤية لونه، أو سماع صوته واللعب المباح به، إذا قام بمؤنته وإطعامه على ما ينبغى، ولا بأس بتصغير الأسماء، والترفق، والتلطف، ولا بالدعابة والمزاح ما لم يكن إثما، وجواز دخول بيت به امرأة أجنبية إذا كان هناك مانع خلوة من نحو امرأة أخرى معها، وهما ثقتان يخشهما أو أحدهما، وإلا حرمت خلوة الرجل بها، أو محرم، وإن كان مراهقا، أو أعمى، على بحث فيهما بينته فى حاشية مناسك النووى وغيرها، وفى أخذ هذا من الحديث نظر، لأنه صلى الله عليه وسلم كان بالنسبة للنساء كالمحرم، فكان يجوز له الخلوة بهن، بل قال أئمتنا: إن سفيان وغيره كانوا يزورون رابعة ويجلسون إليها، قالوا: فلو وجدنا رجلا مثل سفيان وامرأة مثل رابعة أبحنا له الخلوة بها للأمن من المفسدة والفتنة، ح ويوجه: بأنه لا يشترط تحقق الأمن، بل يكفى مظنته ألا ترى أنهم جوزوا خلوة رجل بامرأتين دون عكسه؟ مع أنه قد يختلى بهما، وتقع منه الفاحشة فيهما أو فى أحدهما، لكنه بعيد، إذ المرأة تستحى من مثلها ويبعد وقوع الفاحشة منها بحضرتها بخلاف الرجل فعلمنا أن الشرط المظنة دون التحقق، وهو صلى الله عليه وسلم متحقق منه الأمن فهو كالمحرم النسبة إلى سائر