. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال بعض الحفاظ: لم نقف عليه بهذا اللفظ، وحسّن المصنف خبر: يا رسول الله متى وجبت لك النبوة؟ قال: «وآدم بين الروح والجسد» (?) ومعنى وجوب النبوة وكتابتها ثبوتها وظهورها فى الخارج نحو: كَتَبَ اَللهُ لَأَغْلِبَنَّ (?)، كُتِبَ عَلَيْكُمُ اَلصِّيامُ (?) والمراد: ظهورها للملائكة أى: ظهور النبوة، وروحه صلى الله عليه وسلم مبتدأ، فى عالم الأرواح خبره، والجملة قال: إعلاما لعظم شرفه وتميزه على بقية الأنبياء كما يأتى، وخصّ الإظهار بحالة كون آدم بين الروح والجسد لأنه أوان دخول الأرواح إلى عالم الأجساد والتمايز حينئذ أتم وأظهر فاختص النبى صلى الله عليه وسلم بزيادة إظهار شرفه بتميزه على غيره تمييزا أعظم وأتم.
وأجاب الغزالى عن وصف نفسه بالنبوة قبل وجود ذاته عند (?) خبر «أنا أول الأنبياء خلقا وآخرهم بعثا» بأن المراد بالخلق هنا التقدير لا الإيجاد فإنه قبل أن تحمل به أمه لم يكن مخلوقا موجودا، ولكن الغايات والكمالات سابقة فى التقدير لاحقة فى الوجود فقوله: «كنت نبيا» أى فى التقدير قبل تمام خلقة آدم، إذ لم ينشأ إلا لينتزع من ذريته محمد صلى الله عليه وسلم وتحقيقه: أن للدار فى ذهن المهندسين وجودا ذهنيا سببا للوجود الخارجى وسابقا عليه، فالله يقدر ثم يوجد على وفق التقدير ثانيا انتهى ملخصا، وذهب السبكى إلى ما هو أحسن وأبين، وهو أنه جاء: أن الأرواح خلقت قبل الأجساد فالإشارة «بكنت نبيا» إلى روحه الشريفة، أو حقيقة من حقائقه ولا يعلمها إلا الله، ومن حباه بالاطلاع عليها ثم إنه تعالى يؤتى كل حقيقة منها ما شاء فى أى وقت شاء، فحقيقته صلى الله عليه وسلم قد تكون من حين خلق آدم أتاها الله ذلك الوصف بأن خلقها متهيئة له وأفاضه عليها من ذلك الوقت فصار نبيا، وكتب اسمه على العرش لتعلم ملائكته وغيرهم كرامته عنده (?) فحقيقته موجودة فى ذلك الوقت، وإن تأخر جسده الشريف المتصف