وكل بيمينك وكل ممّا يليك».
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تناوله من مكان بعيد، فإنه يشق، وربما آذى (يا بنى) تصغيره؛ للشفقة ومنه يؤخذ: أنه يسن للكبير ملاطفة الأصاغر، لا سيما على الطعام لشدة استحيائهم حينئذ. (فسم الله) الأمر فيه للندب، ويسن للمبسمل الجهر ليسمع غيره. (وكل بيمينك) أى ندبا على الأصح، وقيل: وجوبا، ويدل له ما فى مسلم: «أنه صلى الله عليه وسلم رأى من يأكل بشماله فنهاه، فقال: لا أستطيع فشلت يمينه فلم يرفعها إلى فيه حتى مات». وورد: «أن الشيطان يأكل بشماله» (?). (وكل مما يليك) أى ندبا على الأصح وقيل: وجوبا أيضا لما فيه من إلحاق الضرر بالغير ومر بيان الشره والنهمة، وانتصر له السبكى، ونص عليه الشافعى فى الرسالة ومواضع من الأم، ويؤخذ من الحديث: أنه يندب لمن على الطعام تعليم من ظهر منه إخلال بشىء من مندوباته، وفى مختصر البويطى يحرم الأكل من رأس الثريد، والتعريس أى النزول فى الجادة على الطريق، لأنها مأوى الهوام، والقران فى التمر بل ونحو السمسم كما قاله بعض متأخرى المحدثين والأصح أن هذه الثلاثة مكروهة لا محرمة ومحل ذلك إن لم يعلم رضى من يأكل معه، وإلا فلا حرمة ولا كراهة لما مر «أنه صلى الله عليه وسلم كان يتتبع الدباء من حوالى القصعة» (?)، لأنه علم أن أحدا لا يكره ذلك، ولا يتقذره والجواب: أنه كان يأكل وحده مردود بأن: إنسانا كان يأكل معه على أن قضية كلام أصحابنا أن الأكل مما يلى الآكل سواء كان وحده، وفى خبر ضعيف: التفصيل بين ما إذا كان الطعام لونا واحدا، فلا يتعدى الآكل مما يليه، وأما إذا أكثر فيتعداه نعم نحو الفاكهة مما لا يقذر فى الأكل من غير ما يلى الأكل للكراهة فيه، لأنه لا ضرر فى ذلك ولا تقذر، وبحث بعضهم التعميم غفلة عن المعنى والسنة، ولما كان الحمد عقب النعم يعتدها، ويؤذن باستمرارها وزيادتها بنص ولَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ (?) أتى به صلى الله عليه وسلم بتلك الصفات البليغة عقب الحمد، تحريضا على التأسى به فى ذلك.