. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

بذلك كثيرا، فعلمنا أنه ليس المناط وجود التأذى الكثير، بل أن يكون ذلك من شأنه أن يتأذى به كثيرا فإن قلت: أكبر الكبائر لا يكون إلا واحدا، وهو الشرك، فكيف تعدد هنا؟ وأيضا فنحو القتل والزنا أكبر من العقوق فلم حذفا وذكر هو؟ قلت: ادعاء أن الأكبر لا يكون إلا واحدا، إنما هو إن أريد الحقيقة أما إن أريد الأكبر النسبى فيكون تعددا، ولا شك أن الأكبر بالنسبة إلى بقية الكبائر أمور أشار إليها، وإلى أمثالها النبى صلى الله عليه وسلم بقوله: «اتقوا السبع الموبقات. . .» (?) الحديث. وح فالأكبر هنا لتعدده فى الجواب يراد به الأمر النسبى، وإنما ترك ذكر القتل ونحوه، لأنه علم من الأحاديث الأخر أن ذلك أكبر الكبائر بعد الشرك على أنه صلى الله عليه وسلم كان يراعى فى مثل ذلك أحوال الحاضرين كقوله صلى الله عليه وسلم مرة: «أفضل الأعمال الصلاة لأول وقتها» وأخرى: «أفضل الأعمال بر الوالدين» (?) وغير ذلك من نظائر له لا تخفى، فتأمل ذلك تعلم به ما وقع فى كلام بعضهم هنا من التكلف والخبط الذى لا يجدى. (وجلس) تنبيها على عظم إثم وقبح شهادة الزور. (وكان متكئا) هذا وجه مناسبة الحديث للترجمة لأن فيه الاتكاء وهو مستلزم للتكاءة فكأنها مذكورة فاندفع الاعتراض بأن هذا الحديث لا مناسبة له بهذا الباب بوجه وفيه أن الاتكاء فى الذكر والعلم بمحضر المستفيدين منه لا ينافى الأدب والكمال فإن الواعظ والمستفيد، ينبغى له التكرار والمبالغة، وإتعاب النفس فى الإزادة حتى يزحمه السامعون، وإنما خص. (شهادة الزور) بذلك، قيل: لأنها تشمل الكافر إذ هو شاهد زور، وقيل: فى المستحل، وهو كافر، والذى يتجه أن سبب ذلك أن شهادة الزور يترتب عليها الزنا والقتل وغيرهما، فكانت أبلغ ضررا من هذه الحيثية فنبه صلى الله عليه وسلم على ذلك بجلوسه وتكريره فيها ذلك دون غيرها. (أو قول الزور) إلخ رواية البخارى لا شك فيها وهى: «ألا وقول الزور وشهادة الزور. (فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولها حتى قلنا: ليته سكت) وبه يعلم أن الضمير فى يقولها هنا قوله «ألا» وبعدها خلافا لمن وهم فيه، وإنما تمنوا سكوته: شفقة عليه، وكراهة لما يزعجه، أو خوفا من أن يجرى على لسانه ما يوجب نزول البلاء عليهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015