(?) -حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا بشر بن المفضل، عن عبد الله بن عثمان بن خيثم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«عليكم بالبياض من الثّياب، ليلبسها أحياؤكم، وكفّنوا فيها موتاكم، فإنها من خيار ثيابكم».
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لسانه بالصدق، وقلبه بالإخلاص والمحبة، وجوارحه بالطاعة، وبدنه بإظهار النعمة عليه فى لباسه وذاته، بفعل جميع خصال الفطرة.
65 - (عليكم) معشر الأمة. (بالبياض) أى بالبياض البالغ فى البياض حتى كأنه عين البياض، يرشد إليه بيانه بقوله (من الثياب) وهو المراد أيضا فى قوله الآتى: «البسوا البياض» (من خيار ثيابكم) سيأتى فى الحديث بعده تعليل خيريتها بأنها أطهر أى: لأنها تحكى ما يصل إليها من النجاسة عينا وأثرا وإن قل بخلاف غيرها، فإنه لا يحكى كل ما يصل إليه، فكانت تلك أطهر وأطيب أى لدلالتها غالبا على عدم الكبر والخيلاء، وعلى التواضع والتخشع، ولهذه الأطيبية التى فيها ندب إيثارها على غيرها فى المحافل كحضور الجمعة، وعند دخول المسجد، ولقاء الملائكة، ومن ثمة كانت الأفضل فى الكفن، لأن الميت بصدد مواجهتهم، ولذلك تأكد إكثار الطيب، والبخور فيه، وبما قررته فى معنى أطهر وأطيب اندفع قول بعضهم: أنه من عطف أحد المترادفين على الآخر مبالغة، وقول آخر: أطهر لأنه لم يخالطها لون يحتمل النجاسة، وأطيب أى:
أحسن من الطيب وهو الحسن ووجه اندفاعه: أنه إن نظر لاحتمال النجاسة، فهو موجود فى الأبيض كغيره، على أن ذلك لا ينظر إليه، فقد صرح أئمتنا بأن من البدع المذمومة غسل الثوب الجديد قبل لبسه، فلا نظر لذلك الاحتمال، وحمل أطيب على ما ذكره فى غاية الركاكة، ويلزمه أن غير الأبيض خلقه كالأبيض فى الأطهرية، وهو مخالف لسياق الحديث، وقول آخر أطهر أو لأنها تغسل من غير مخافة على ذهاب لونها.