بمعجزات عديدة لم يدع أحد منهم علم الغيب، بل جميعهم كانوا يتبرؤون من ذلك، ويردون علم الغيب إلى الله سبحانه وتعالى، فنوح عليه السلام قال لقومه: {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} [هود: 31] (?) .
ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو سيد الرسل والأنبياء أجمعين، ينفي عن نفسه معرفة العيب، فقد قال الله في كتابه: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} [الأحقاف: 9] (?) وقال تعالى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 188] (?) .
وعن مسروق قال: «كنت متكئا عند عائشة فقالت: يا أبا عائشة، ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية (?) وذكرت منها: ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية، والله يقول: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: 65] » (?) (?) .
وعلى الرغم من هذه الأدلة القاطعة الواضحة، عن عدم علم الرسول صلى الله عليه وسلم بالغيب، نجد من ينسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم معرفة الغيب ويستدلون على ذلك بالاستثناء الوارد في قوله عز وجل: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا - إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن: 26 - 27] (?) وليس في ذلك حجة لأحد؛ لأن المراد بالغيب هنا ما يتعلق بالوحي خاصة.