فإن قال قائل: فإذا كان معنى الواسع عندك والغني سواء فما الوجه في تكرارهما؟
قلنا له: قد مضى القول في هذا شرح قولنا عليم وبصير، وما جاء في كلام العرب من اختلاف الألفاظ واتفاق المعاني اتساعًا وتبسيطًا في الكلام، فبني لمعنى واحد من صفاته لفظتان ليكون ذلك أبلغ في المدح وأكمل في الوصف.
ومع ذلك فالواسع قد يتضمن من المعنى ما لا يتضمنه الغني، ويتصرف فيما لا يتصرف في الغني كقولنا: يا واسع الفضل، يا واسع الرحمة، وكقوله عز وجل {ربنا وسعت كل شيء حرمة وعلما} أي عمت رحمتك كل شيء وأحاط علمك بكل شيء.
البديع: المبتدع الأشياء ابتداءً من غير أصل ولا أول، والبديء في المعنى مثل البديع ثم قد يستعمل البديع والبديء في معنى العجيب كما قال عبيد:
إن يك حول منها أهلها ... فلا بديء ولا عجيب
وقالوا في قوله عز وجل: {قل ما كنت بدعا من الرسل} أي: ما كنت بدءًا منهم ولا أول.
ويقال: أبدعت يا رجل أي أتيت بعجب وأمر لم يسبق إليه أحد. ومنه قيل: البدعة في الدين كأنها ابتداء مذهب وشيء لم يكن قبل.
فالله عز وجل مبدع الأشياء ومبتدعها وخالقها ابتداء من غير شيء ولا على مثال عز وجل.