وقيل: إنه قال: رحمن الدنيا ورحيم الآخرة، والرحمن اسم خاص، والرحيم اسم عام، فلذلك قدم الرحمن على الرحيم فقيل: بسم الله الرحمن الرحيم، ولذلك أيضًا قيل: رجل رحيم، ولم يقل: رحمن.
وذكر بعضهم أنه لا يجوز أن يجمع الرحمن بالرحيم إلا لله عز وجل، وإنه جائز أن يقال: «رجل رحمن» كما قيل: «رجل رحيم»، وأكثر العلماء على القول الأول وهو الصواب لأن «فعلان» أشد مبالغة من «فعيل»، كما يقال: غضبان للمتلئ غضبًا وعطشان للمتلئ عطشًا، وكذلك الرحمن: ذو النهاية في الرحمة الذي وسعت رحمته كل شيء. وكل اسم كان [عن]
طريقة الفعل أشد انعدالاً كان في المدح أبلغ، فرحمن أشد انعدالاً عن طريقة الفعل من رحيم فلذلك كان أبلغ في المدح.
وسيبويه يرى إعمال «فعيل» كما يعمل اسم الفاعل، فهذا يدلك على ما ذكرت لك، فيجيز: «هذا رجل ضريب زيدًا» كما تقول: «ضارب زيدًا».
وخالفه أصحابه في ذلك وقالوا: إن «فعيلاً» اسم الفاعل من الفعل الذي لا يتعدى نحو ظرف فهو ظريف، وشرف فهو شريف. قالوا: فإذا بني من الفعل المتعدي هذا البناء فقد عدل عن طريقة التعدي فسبيله ألا يتعدى. والأمثلة التي تعمل عمل اسم الفاعل عند سيبويه: فعول، وفعال، ومفعال، وفعل، وفعيل كقولك: «هذا رجل ضروب زيدًا»، «وضراب زيدًا»، «وضرب زيدًا»، «وضريب زيدًا» كل ذلك عنده جائز، ويجيز تقديم المنصوب بها وتأخيره، فأما «فعول» «وفعال» «ومفعال» فقد وافقه أصحابه أيضًا على تعديها، وجاءت لها شواهد من الشعر ومنثور كلام العرب. وأما «فعيل» فخالفه في تعديها جميع أصحابه، ولم يأت له سيبويه بشاهد من الشعر، ولا غيره إلا بيتا خولف فيه، وسأذكره لك. وأما «فعل» فقد وافقه على تعديه بعض أصحابه، وأنشد سيبويه شاهدًا له: