هو أكثر عمومًا. فأبعد النكرات من المعارف «شيء» وأقربها إلى المعارف رجل وفرس، وأقرب من هذا إليها ما قرن بنعت ففارق الإشاعة في أشباهه فإذا نزلت من فوق إلى أسفل قربت من التعريف، وإذا صعدت من أسفل إلى الفوق بعدت من التعريف.
والمعارف خمسة أجناس أعرفها المضمرات وهي أعرف المعارف من الظاهرات وهي تنقسم قسمين: المشاهد والغائب، والمشاهد ينقسم قسمين: أحدهما المخبر عن نفسه، والآخر المخاطب، فالمخبر عن نفسه أعرف من المخاطب لأنه لا يشارك في اسمه البتة، ومن ثم استوى فيه المذكر والمؤنث إذا قلت: أنا، وفعلت وما أشبه ذلك. وذلك أنه لا يلتبس، فلما لم يلتبس استوى فيه المذكر والمؤنث ولم يحتج إلى فصل.
والمخاطب دونه في التعريف وذلك أنه يجوز أن يكون بحضرتك اثنان أو أكثر فيتوهم كل واحد منهما أو منهم أنك خاطبته دون الآخر، فمن ثم فصلت بين خطاب المذكر والمؤنث في قولك: أنت وأنت، وقمت وقمت، واكرمتك واكرمتك فصار المخاطب دون المخبر في التعريف.
والغائب دونهما في مرتبة التعريف، وهو أعرف من الاسم العلم ألا ترى أنك تقول: «جاءني زيد» فيجوز أن يعرف المخاطب اثنين أو ثلاثة اسم كل واحد منهم زيد، فتحتاج إلى الوصف للفرق فتقول: «جاءني زيد الطويل أو القصير أو الاشقر أو الآدم أو الكاتب أو الفقيه» فتنعته وتصفه بما يفصله من غيره. وإذا قلت: ضربته أو كلمته لم تحتج إلى نعت لأنه لا يلتبس وذلك أن هذا كلام لا يجري إلا بعقب مذكور قد عرفه المخاطب بحلاه وأوصافه. فاستغنى عن النعت لذلك ولو لم يكن المخاطب عرفه كمعرفتك لم تضمره وكنت تظهره وتتبعه أوصافه وحلاه حتى تتقرر له معرفته، فلذلك صار الغائب المضمر أعرف من الظاهر.
ثم يتلوه في التعريف الاسم العلم، وذلك أنه ثابت على المسمى مظهرًا كان المسمى أو مبهمًا فلذلك صار أعرف من المبهم لأن المبهم يشار به إلى كل ما بحضرتك