غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أين المظهر يا أبا ليلى؟ فقال: إلى الجنة يا رسول الله فقال: أجل إن شاء الله. ثم قال: أنشدني، قال: فأنشدته:
ولا خير في حلم إذا لم تكن له ... بوادر تحمي صفوه أن يكدرا
ولا خير في جهل إذا لم يكن له ... حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا
فقال: «أجدت لا يفضض الله فاك» قال: فنظرت إليه وكأن فاه البرد المنهمل ما سقطت له سن، ولا انغلت ترف غروبه، ترف: تبرق نعمة ونضارة والغروب: جمع غرب وهو حد الأسنان، وحد كل شيء: غربه، هاذ مع كبر سنه وبقائه إلى أيام ابن الزبير على ما ذكرت لك في الخبر المتقدم، وكان من المعمرين، يقول علماء العرب: إنه عاش مائة وثمانين سنة. واستشهدوا على ذلك بقوله:
لبست أناسًا فأفنيتهم ... وأفنيت بعد أناس أناسا
ثلاثة أهلين أفنيتهم ... وكان الإله هو المستآسا
أي: المعتاض، والأوس: العوض، والأوس: العطية، وفي غير هذا، الأوس: اسم من أسماء الذئب ومنه قوله:
فلأحشونك مشقصًا ... أوسًا أويس من الهبالة