"الشَوْقَة" المانعة عن تمام السجود علامة الاستغناء عن العبودية، والتشبه بالكفرة المومِئ باستحسان مسلكهم وملّيتهم. فما دام لم يُقطَع بانتفاء الامر الخفي يُحكَم بالامر الظاهر.
ان قلت: اذا لم يُجدِ الانذار فلِمَ التكليف؟
قيل لك: لإلزام الحجة عليهم. 1
ان قلت: الاخبار عن تمردهم يستلزم امتناع ايمانهم فيكون التكليف بالمحال؟
قيل لك: ان الاخبار وكذا العلم والارادة لا تتعلق بكفرهم مستقلا مقطوعاً عن السبب، بل انما تتعلق بكفرهم باختيارهم. كما يأتيك تفصيله. ومن هنا يقال: "الوجوب بالاختيار لا ينافي الاختيار".
ان قلت: ايمانهم بعدم ايمانهم 2 محال عقليّ يشبه "الجذر الاصم الكلاميّ".؟ 3
قيل لك: انهم ليسوا مكلفين بالتفصيل حتى يلزم المحال.
ثم في ايراد (كفروا) فعلاً ماضياً، اشارة الى انهم اختاروا الكفر بعد تبين الحق فلذا لايفيد الانذار.
واما (سواء) فمجاز عن: "انذارك كعدم الانذار في عدم الفائدة او في صحة الوقوع" اي لاموجب للانذار ولا لعدمه.
واما (عليهم) ففيه ايماء الى انهم اخلدوا الى الارض فلا يرفعون رؤوسهم ولا يصغون الى كلام آمرهم.. وفيه أيضا رمز الى انه ليس سواء عليك، لان لك الخير في التبليغ؛ اذ (مَا عَلَى الرَّسُولِ إلاّ البَلاغُ) 4.