واعلم! ان الايمان هو النور الحاصل بالتصديق بجميع ما جاء به النبي عليه السلام تفصيلا في ضروريات الدين واجمالا في غيرها.

ان قلت: لايقتدر على التعبير عن حقائق الايمان من العوام من المائة الا واحد؟

قيل لك: ان عدم التعبير ليس عَلَماً على عدم الوجود. فكما ان اللسان كثيراً ما يتقاصر عن ان يترجم عن دقائق مافي تصورات العقل؛ كذلك قد لايتراءى بل يتغامض عن العقل سرائر مافي الوجدان، فكيف يترجم عن كل مافيه؟ ألا ترى ذكاء السكاكي 1 ذلك الامام الداهي قد تقاصر عن اجتناء دقائق ماأبرزته سجية امرئ القيس 2، او بدويّ آخر؟ فبناء على ذلك، الاستدلال على وجود الايمان في العامي يثبت بالاستفسار والاستيضاح منه. بأن تستفسر من العاميّ بالسؤال المردّد بين النفي والاثبات هكذا: أيها العامي! أيمكن في عقلك أن يكون الصانع الذي كان العالم بجهاته الست في قبضة تصرفه أن يتمكّن 3 في جهة من جهاته أو لا؟ فإن قال: لا. فنفي الجهة ثابتٌ في وجدانه، وذلك كافٍ. وقس على هذا..

ثم ان الايمان - كما فسّره السعد 4 - نور يقذفه الله تعالى في قلب من يشاء من عباده، أي بعد صرف الجزء الاختياري. فالايمان نور لوجدان البشر وشعاع من شمس الازل يضئ دفعةً ملكوتيةَ الوجدان بتمامها. فينشر اُنسية له مع كل الكائنات.. ويؤسس مناسبة بين الوجدان وبين كل شئ.. ويلقي في القلب قوة معنوية يقتدر بها الانسان ان يصارع جميع الحوادث والمصيبات.. ويعطيه وُسْعةً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015