لكرامة زوار بيت الله ومعونتهم إلا طيبا لم يؤخذ ظلما ولم يقطع فيه رحم ولم يغتصب" فكانت قريش تخرج من صفو أموالها ما تحتمله أحوالها, وتأتي به إلى هاشم فيضعه في دار الندوة لضيافة الحاج1. ا. هـ.
والمرء -وإن حدثته نفسه فيما روى ابن أبي الحديد- موقن أن هاشما في الغاية من النبل والشرف وتحري الطيب من المكاسب. كان إذا جمع الأموال من قريش يأمر بحياض2 من أدم فتجعل في موضع زمزم ثم يستقى فيها الماء من آبار مكة فيشربه الحاج, وكان يطعمهم أول ما يطعم, قبل التروية بيوم بمكة وبمنى وجمع3 وعرفة. وكان يثرد لهم الخبز واللحم والسمن والسويق والتمر ويجعل لهم الماء فيسقون بمنى -والماء يومئذ قليل- في حياض من الأدم إلى أن يصدروا من منى, فتنقطع الضيافة ويتفرق الناس لبلادهم.
لم تكن أمور قريش وخدمة الحجيج لتصرف هاشما عن تجاراته وأسفاره, بل كان بين هذا وذاك يقود قوافل قريش إلى الشام, وقد تزوج قبيل وفاته في إحدى هذه الرحلات. والفضل لابن سعد في وقوفنا على بعض تفاصيل للعير التي خرج بها هاشم، كما له الفضل في