بكر حسناء, والبصرة عجوز بخراء أوتيت من كل حلي وزينة"1.

وسماها الناس لتقلب هوائها بالرعناء. قال الفرزدق:

لولا أبو مالك المرجو نائله ... ما كانت البصرة الرعناء لي وطنا

والرعونة: الحمق والاسترخاء.

إلا أن وخامتها لم تمنع أن يتكاثف فيها السكان ويطّرد لها النمو، حتى أصبحت كما وصفها جعفر بن سليمان بقوله: "العراق عين الدنيا, والبصرة عين العراق".

انقضى القرن الهجري الأول والبصرة قد قطعت شوطا بعيدا في الازدهار، ولم تستقر الأمور لبني العباس في عهد المهدي ومن بعده, حتى صارت البصرة باب2 بغداد الكبير ومدخل دجلتها المتدفق بضروب المتاع وأنواع السلع المجلوبة من أطراف الدنيا، نظير مرسيليا اليوم بالنسبة إلى فرنسا، أو جنوة لإيطاليا، أو ليفربول لبلاد الإنجليز. بل امتازت البصرة على تلك المراسي بنصيب أوفر وحظ أكبر؛ إذ كانت مقصد القوافل الواردة من كل حدب وصوب، ومحط رحال الشرق والغرب، من مجاهل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015