كان يلي أمر الناس, والنظر في شئونهم التجارية في بعض هذه الأسواق أمراء يعشرون الناس كأكيدر في دومة الجندل والمنذر بن ساوى في سوق حَجْر، وهناك رؤساء يهبطون الأسواق لجمع الإتاوة وأشراف يتوافون بتلك السوق التي هي في الغالب تحت سيطرة أمير من الأمراء؛ ليستوفوا نصيبهم من الربح الذي جعله لهم ذلك الأمير ... بل إن بعض الأسواق كانت تقع إلى سلطان دولة أجنبية كسوق المشقَّر الذي تحكم كسرى بأهله وتجارته، وسيأتي تفصيل ذلك عند الكلام على الأسواق سوقا فسوقا.
أما عروض التجارة التي كانت تُحمل إلى الأسواق, فأكثرها لا يتعدى التمر والزبيب والزيت والسمن والأدم والورس والغالية والبرود, وبعض ضروب الحيوان كالمواشي والأنعام والخيل حتى القرود أحيانا.
وكانت هجر أشهر البلدان بتمرها، وعمان يحمل إليها الورس ويعالج فيها. وكانت لطائم النعمان تسير إلى عكاظ، ولطائم كسرى إلى المشقر، تأتي كل سنة فتباع ويشترى بأثمانها الأدم والتمر. وكان يقوم بحمايتها عرب الحيرة ما دامت في مناطق نفوذهم، فإذا فصلت نحو عكاظ كان لا بد لها من حامٍ منيع الجانب, عزيز القبيلة ليجيزها على عامة