الفيل حين ردهم الله عن مكة, والبيت بعد أن اعتصم أهلها بالشعاف والهضاب. ومنّ عليهم حين أنقذهم من جوع السنين التي أصابهم قحطها من قبل. فذكر ابن عباس وعكرمة1 أن الله أمرهم في هذه السورة بالإقامة بمكة لعبادة رب هذا البيت؛ إذ كفاهم مئونة رحلتيهم بعد أن كانوا لا يكادون يرتاحون في صيف ولا شتاء.
لخص صاحب القاموس ما تقدم حين عرض لتفسير الإيلاف, فقال:
"والإيلاف في التنزيل "العهد" وشبه الإجازة بالخفارة وأول من أخذه هاشم من ملك الشام، وتأويله أنهم كانوا سكان الحرم، آمنين في امتيارهم وتنقلاتهم شتاء وصيفا والناس يُتَخَطَّفون من حولهم, فإذا عرض لهم عارض قالوا: "نحن أهل حرم الله" فلا يتعرض لهم أحد ... وكان هاشم يؤالف إلى الشام، وعبد شمس إلى الحبشة، والمطلب إلى اليمن، ونوفل إلى فارس، وكان تجار قريش يختلفون إلى هذه الأمصار بحبال "عهود" هؤلاء الإخوة، فلا يتعرض لهم. وكان كل أخ منهم أخذ حبلا من ملك ناحية سفره؛ أمانا له".