وفي شرح نهج البلاغة "3/ 458" أن هاشما سأل قيصر أن يأذن لقريش في القدوم عليه بالمتاجر وأن يكتب لهم كتب الأمان فيما بينهم وبينه, ففعل. والغموض الذي في الرواية المتقدمة يكتنف هذه أيضا, فليس فيها صيغة هذا الأمان ولا شروطه.
ومهما يكن من شيء, فإلى هؤلاء الإخوة الأربعة يرجع الفضل كله في تثمير تجارة قريش1, وبنائها على أسس قوية حتى اتسعت فصارت شبه دولية بعد أن كانت موضعية لا تعدو الأسواق القريبة من مكة. فهم في الحقيقة أبطال قريش ورجالاتها في الاقتصاد, وهم دعائمها التجارية التي قامت تلك الثروة العريضة بمساعيهم وكفاياتهم، وليس بقليل أن تفتح أربع ممالك أسواقها لقوافل قريش وتجاراتها. وما أنا إلى الغلو إذا زعمت أن فضل هذه الأحلاف امتد حتى زمن الإسلام، وأن المسلمين الأولين ما اختِيرت لهم الحبشة مهاجرا إلا لاعتيادهم الرحلة إليها متاجرين، وإلا لمعرفتهم بها وبأهلها لكثرة ارتيادهم