فَصْلٌ
في الغصب
أي في بيان ما يتعلق بأحكام الغصب والمغصوب. وهو لغة: أخذ الشيئ ظلمًا، أما عرفًا: فهو الاستيلاء على ملك الغير بغير حق شرعي قال خليل: الغصب أخذ مال قهرًا تعديًا بلا حرابة. الدردير: أصل هذا التعريف لابن الحاجب رحمه الله والغصب مما حرمه الله تعالى على عباده كسائر المحرمات. وذلك بأن أخذ أموال النسا بالباطل على عشرة أوجه بالإجمال كلها حرام، والحُكْمُ فيها مختلف: الأول الحرابة، والثاني الغصب، والثالث السرقة، والرابع الاختلاس، والخامس الخيانة، والسادس الإذلال، والسابع الفجور في الخصام بإنكار الحق أو دعوى الباطل، والثامن القمار كالشطرنج والنرد، والتاسع الرشوة فلا يحل أخذها ولا إعطاؤها، والعاشر الغش والخلابة في البيوع. قاله ابن جزي اهـ.
قال رحمه الله تعالى: "يَجِبُ رَدُّ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ، فضإن فاتَ ضَمِنَ المِثْليَّ بالمثْل، والمقوم بقيمته يوم الغصب" يعني كما قال في القوانين: المسألة الثانية فيما يجب على الغاصب وذلك حقان: أحدهما حقُّ الله تعالى، وهو أن يُضرب ويُسجن زجرًا له ولأمثاله على حَسَبِ اجتهاد الحكِم، والثاني حقّ المغصوب منه وهو أن يرد إليه ما غصبه، فإن كان المغصوب قائمًا رده بعينه إليه، وإن كان قد فات رد إليه مثله أو قيمته، فيرد المثل فيما له مثل، وذلك كل مكيل وموزون
ومعدود من الطعام والدنانير والدراهم وغير ذلك، ويرد القيمة فيما لا مثل له كالعروض والحيوان والعقار، وتعتبر قيمة ذلك يوم الغصب لا يوم الرد اهـ. قال رحمه الله تعالى: "وفي نقصه يخير ربه بين أخذه ناقصًا وتضمينه، وفي بيعه بين إجازته وأخذ الثمن واستعادته" يعني إذا نقص المغصوب عند الغاصب فصاحبه مخير بين أن يأخذ قيمته يوم الغصب ويتركه للغاصب، وبين أن