حتى يُقدِموا، فإن أخذوا فذلك، وإن تركوا أخذت جميع الشفعة قال مالك: ليس له إلاَّ أن يأخذ ذلك كلَّه أو يترك، فإن جاء شركاؤه أخذوا منه أن يتركون إن شاؤوا، فإذا عرض هذا عليه فلم يقبله فلا أرى له شُفْعة اهـ.
قال رحمه اللَّه تعالى: "وَإِذَا قَدِمَ غَائِبٌ فَلَهُ الأَخذُ" قال مالك: لا تقطع شُفْعة الغائب غيبتُه وإن طالت غيبته، وليس في ذلك عندنا حدُّ تقطع إليه الشُّفْعة اهـ. وسيأتي قول المصنَّف: والغائب على شُفْعته حتى يُعلَم تَركْه وإن طال. قال في الرسالة: والغائب على شُفْعَتِه وإن طالت غيبته. قال شارحها: أو عَلِمَ ببيع شريكه زمن غيبته، ومثل ذلك لو لم يعلم ببيع حِصَّة شريكه حتى غاب فإنه يستمر على شفعته ولو طالت غيبته، فإذا رجع بعد غيبته كان حُكْمُه حُكْمَ الحاضر العالم بالبيع فتسقط شُفْعَته بعد سنة وما قاربها من يوم قدومه. قال الصاوي في حاشيته على الدردير: فالحاضر يُحْسَبُ له سنة بعد العِلْم، والغائب يُحْسَبُ له سنة بعد القدوم والعِلْم. والظاهر كان على مسافة بعيدة أو قريبة على ظاهر كلام ابن القاسم، وقيَّدها أشهب بالبعيدة، وأمَّ القريبة التي لا كلفة عليه فيها فكالحاضر وهو الجاري على قولهم: والقريب كالحاضر، وأمَّا لو كان حضرًا بالبلد يوم البيع وعَلِمَ ببَيْع شريكه وغاب بعد علمه وقَبْلَ أخْذِهِ بالشُّفْعة فإنه بمنزلة الحاضر الذي لم يَغِبْ تسقط شفعته بمضيَّ السنة وما قاربها، إلاَّ أن يحلف أنه لم يَغِبْ إلاَّ لِظَنَّه الرجوع قبل انقضاء السنة فإنه يستمر على شُفْعَته ولو طالت غيبته. قال خليل: كأن عَلِمَ فغاب إلاَّ أن يظنَّ الأوْبَة قبلها فعِيقَ وحَلَفَ إن بعد. فتلخَّص أن غيبة الشفيع على ثلاثة أقسام: قبل البيع، وبعده من غير عِلْ، فهو على شُفْعَته فيهما مطلقًا بعد البيع والعِلْم يكون كالحاضر، إلاَّ أن يدَّعي أنه سافر ليرجع سريعًا فعِيقَ اهـ النفراوي.
قال رحمه الله تعالى: "وَفِي تَعَدُّدِ الصَّفَقَاتِ يَأْخُذُ بِأيَّهَا شَاءَ ويَبْطُلُ مَا بَعْدَهَا وَيُنَزَّلُ الْوَارِثُ مَنْزلَةَ مَوْرُوثِهِ" يعني أن الشفيع يأخذ بأي صفقة شاء إذا تعددت ويبطل