الآخر شَفَعَ مَنْ هو أبعد منه. وانظر لو باع الشفيع شُفعته من المبتاع أو وَهَبَها له على مذهب المذوَّنة أنه لا فرقَ بين ذلك وبين التسليم في كل الأوجه. الشُّفْعة ثابتة للأبعد اهـ.
قال الحطاب: تنبيه: أمَّا العصبة فكلُّهم سواء ولو كان بعضهم شقيقًا لبعض. قال في أوَّل الشُّفْعة أي من المدوَّنة: ومَنْ هلك وترك ثلاثة بنين اثنان منهم شقيقان والآخر لأب وترك بينهم دارًا فباع أحد الشقيقَيْن حِصَّته قبل القسمة فالشُّفْعة بين الشقيق الأخ للأب سواء؛ إذ بالنبوّة ورثوا، ولا ينظر إلى الأقعد بالبائع، ولو وُلِدَ وَوَدّ لأحدهم ثم مات فباع بعضه ولده حصته فبقية ولده أحقُّ بالشُّفْعة من أعمامهم: لأنهم أهل مورث ثانٍ، فإذا سلَّموا فالشُّفْعة لأعمامهم، وإن باع أحد الأعمام فالشُّفعة لبقية الأعمام مع بني أخيهم لدخولهم مدخل أبيهم. وإن ترك ابنتَيْن وعصبة فباعت إحدى الابنتَيْن فأختها أحقُّ بالشُّفْعة من العصبة؛ لأنهما أهل سهم، فإذا سلمت فالعصبة أحقُّ مِمَّنْ شركهم بمِلْك. ولو باع أحد العصبة فالشُّفْعة لبقية العصبة والبنات كذلك الأخوات مع البنات حُكْمُ العصبة؛ لأن العصبة ليس لهم فَرْضٌ مسمّى اهـ راجع المدوَّنة إن شئت.
قال رحمه الله تعالى: "فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بمِثْل الْمثْلي، فَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلاً فإلَى مِثلِ أجَلِهِ إِنْ كَانَ مَليًّا أَوُ مُخَالِعًا بِهِ وَعوِضِ دّم عَمْدٍ وأَرْش حَيَاتِهِ، وَفِي الخَطْأ بِالدَّيَة" يعني كما قال ابن القاسم في المدونة: مَن نَكَح أو خَالَعَ أَو صَاَلَحَ من دمٍ عَمْد على شِقْص فيه الشُّفْعة بقيمته يوم العقد؛ إذ لا ثَمَنَ معلوم لِعَوضِه يريد، ولا يجوز الاستشفاع إلا بعد المعرفة بقيمته. قال ابن القاسم: وإن أخذ الشَّقْص عن دم خطأ ففيه الشُّفْعة بالدَّية، فإن كانت العاقلة أهل إبل أخذه بقيمة الإبل، وإن كانت أهل ذهب أخذه بذهب ينجم ذلك على الشفيع كالتنجيم على العاقلة اهـ. نَقَلَه الموّاق.
وعبارة ابن جزي في القواني أنه قال: فإذا وجبت الشُّفْعة لشريك وقام بها فإنه