وإذا تعذَّر تَرْكُها عند الغير إلاَّ مع الأجْر فهل تلزم ربّ الوديعة أو المودع؟ قال ابن جزي في القوانين: إذا طلب المودع أجْرة على حفظ الوديعة لم يكن له، إلاَّ أن تكون مما يشغل منزله فَلَهُ كِراؤه، وإن احتاجت إلى إلاق أو إقفال ذلك على ربَّها اهـ.
قال رحمه اللَّه تعالى: "فَإِنِ اسْتَوْدَعَهَا فِيه فَعَرَضَتْ لَهُ إِقَامَةق فَلَهُ إرْسَالُها مَعَ ثِقَةٍ وَلاَ ضَمَانَ كَنَقْلِهَا إِلَى حِرْزٍ" يعني فإن استودعها في حال العُذْ والسفر ولم يجد ثقة يتركها عنده ولم يقدر على ردَّها لصاحبها وسافر بها وعرضت له إقامة فس فره فَلَهُ إرسالها لربِّها مع ثقة ولا ضمان إن تُلِفَتْ بِلا تفريط، لا على المودِع ولا على المُرْسَل بها، كما لا ضمان عليه بِنَقْلِها إلى حِرْز مِثْلِها. وهذه المسألة مستثناه من قولهم: ويَضْمَنُ بإرسالها لربَّها بلا إذْنٍ منه فضاعت. قال الصاوي: يُسْتَيْنَى من كلامه من أدوعِعَتْ معه وديعة يوصِلها لبلد فعرضت له إقامة طويلة في الطريق كالسّنة فَلَهُ أن يبعثها مع غيره ولا ضمان عليه إذا تُلِفَتْ؛ لأن بَعْثَهَا في هذه الحالة واجِبّ، [27] [28] ويضمنها إن حَبِسَها، وأمَّا إن كانت الإقامة التي عرضت له قصيرة كالأيام فالواجب إبقاؤها معه، فإن بَعَثَها ضَمِنَها إن تُلِفَتْ، فإن كانت الإقامة متوسطة كالشهرَيْن خير في إرسالها وإبقائها ولا ضمان عليه في كل حال. هذا ما ارتضاه ابن رشد كما في الحطاب. وكذا في البناتي اهـ.
قال رحمه اللَّه تعالى: "وَلاَ يَجُوزُ لِلْمُعْدِم التَّصَرُّفُ فيهَا وَيُكْرَهُ لِلْمَلِيَّ" يعني أنه لا يجوز للمُعْدِم أن يتصرَّف ف يالوديعة بغير إذن، أي يحرُم عليه ذلك. قال بعضهم: وإنما حَرُمَتْ على المُعْدِم وجازت مع الكراهة للمليئ لأن المليئ مظنَّة الوفاء بخلاف المُعْدِم. ومحل الكراهة في المليئ إذالم يكن سيئ القضاء ولا ظلامًا وإلاَّ حرُم. قال الدردير: وحرُم سَلَفُ مقوَّم ومُعدِم. وكُرِهَ النقد ولو مليئًا، والمثلى كالتجارة والربح له وبرئ إن رد المثلى لمحله، وصدق في رده إن حلف إلا بإذن أو يقول: إن احتجت فخذ فيردها