ولمَّا أنهى الكلام على ما يتعلَّق بالصُّلْح انتقل يتكلم على ما يتعلَّق بأحكام الحَمَالة فقال رحمه الله تعالى:
فَصْلٌ
في بيان ما يتعلَّق بأحكام الحَمَالة والكَفَالة والزَّعَامة والضمان
وهذه الأشياء الأربعة كلها بمعنى شيئ واحد، أي بمنزلة شيئ واحد. قال تعالى في قصة يوسف عليه السلام: "وَمِمَن جَآءَ ربِهِ حِملُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعيمُ" [يوسف: 72] أي كفيل وضامن. قال ابن جزي: يقال للضامن حميل وكفيل وزعيم. وهي لغةً: [16] [17] الحفظ، وعُرْفًا: الْتزام مكلَّف غير سفيه دَيْناً على ذِمّة غيره، أو التزام طلبه مَنْ عليه لِمَنْ له بما يدلُّ عليه، أي من الصيغة اهـ. ولِما تقدَّم. قال رحمه اللَّه تعالى: "الْحَمَالَةُ وَالْكَفَالَةُ وَالزَّعَامَةُ بِمَعْنَى" أي بمنزلة معنّى واحد، قال رحمه الله تعالى: فَيَجُوزُ بِكُلَّ دَيْنٍ ثَابِتْ أَوْ آيِلٍ إِلَى الثُّبُوتِ" يعني يجوز الضمان في كل دَيْن ثابت على الذَّمَّة أو ما سكيون ثابتًا كجُعْل. قال في أقرب المسلاك: وشَرْطُ الدَّيْن لزومه ولو في المآل كجُمعْل فإنه يؤُول للزوم، كما لو قال شخص لآخر: إن أتيت لي بعبدي الآبِق مثلاً فَلَكَ دينار، فيصحُّ ضمان القائل، فغ، أتى المخاطب بالعبد لزم الضامنَ الدينارُ إن لم يدفعه ربُّ العبد للعامل، وكذا دَايِنْ فلانًا وأنا أضمنه. أو إنِن ثبت لك عليه دَيْنٌ فأنا ضامِن اهـ.
قال رحمه اللَّ تعالى: "لاَ فِيمَا لاَ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُوه مِنَ الْكَفِيل" يعني لا تصحٌّ الحَمَالة فيما لا يمكن استيفاؤه من الحميل كالقصاص، وجميع ما لا يقبل النيابة من الحدود. قال ابن القاسم: لا كفالة في الحدود ولا في التعرزيز. وعن ابن وهب: لا تُقْبَلأ حَمَالة في دم ولا في زناً، ولا سرقة، ولا في شرب خمر، ولا في شيئ من حدود اللَّ، وتُقْبَل فيما سوى ذلك اهـ. المدوَّنة. قال ابن جزي في المسائل: المسألة الأولى في المضمون وهو