بالبيَّنة وهو معنى قوله تعالى: " وابْتَلُوا اليَتَامَى حَتَّى إذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ إلى قوله: فَإذَا دَفَعْتُمْ إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ [النساء: 6] الآية قال ابن رشد: حدُّ الرشد حُسْنُ النظر في المال ووَضْعُ الأمور في مواضعها اهـ.
قال رحنه اللَّه تعالى: "وَلاَ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيَّ في دَفْع الْمالِ إلَيْهِ إِلاَّ بِبينَّةٍ، كَدَعْواهُ دَفْعَ نَفَقَتِهِ إِلَى حَاضِنَتِهِ" قال في الرسالة: وكذلك على وَلَيَّ الأيتام البيَّنة أنه أنفق عليهم أو دفع إليهم، وإ، كانوا في حضانته صَدَقَ في النفقة فيما يشبه، ونحو في المدوَّنة. وقال فيها: ويَصْدُق في الأنفاق عليهم إن كانوا في حَجْرِه ما لم يأتِ بسرف. قال عياض قال مالك وابن القاسم وأشهب: بعد يمينه، قال: هذا لا يختلف فيه. قال أبو عمر: ولو أراد الوصيُّ أن يحاسب بما لا بدَّ منه ولا يُشَكُّ فيه ويسقط مازاد فلا يمين عليه. قال عياض: لابدَّ من يمينه لاحتمال استغناء اليتيم عن مثل تلك النفقة التي لا شكَّ فيها أيَّامًا متفرَّقة أو متوالية لمرض أو صِلة من أحد. ومفهوم ما هنا أنه إذا ادَّعى ما لا يشبه لا يُقْبَل، ونحوه عن الموازية اهـ نَقَلَه الشيخ زروق في شرحه على الرسالة فالواجب على وَلِيَّ الأيتام البيَّنة عند الدفع للآية المذكورة.
قال رحمه الله تعالى: "وَيُوَسَّعُ عَلَيْهِ بِحَسَبِ مَالِهِ وَمَأْلُوفِهِ" يعني على الوَصِيَّ أن يُوَسَّعَ لمحجوره الحال والمال في نفقته وكِسْوَتِه على حَسَبِ المالوف في طبيعة بمراعاة المعروف والمصلحة في شأنه بدون إسراف ولا تقتير في ذلك، لأن خَيْرَ الأمور أوسطها كما وَرَدَ. قال الدردير في أقرب المسلاك: وللوصِيَّ اقتضاء الدَّيْن وتأخيرُ لنظره والنفقة عليه باملعروف كخضتْنِه وعُرسه وعيدِه ودَفْعِ نفقة له قَلّت، وإخراج فِطْرَتِه وزكاتِه، ودَفْع مالهِ قِراضًا وإيضاعًا، ولا يعمل به ولا يشتري من التركة، وتعقب بالنظر إلاَّ ما قلَّ وانتهت فيه الرغبات، والقول له في النفقة وقدرها إن أشبه بيمين لا في تاريخ الموت ولا في الدفع بعد الرُّشد إلاَّ لبيَّنة اهـ.