والوَصِي فيحتاج بأن يقول للعدول: اشهدوا أني فَكَكْتُ الحَجْرَ عن فلان وأطْلَقت له التصرُّف لِما قام عندي من رُشدِهِ وحُسْنِ تصرُّفه، فتصرُّفه بعد الفَّ لازم لا يُرَدُّ ولا يحتاج لإذْن الحاكم في الفَكّ، وزِيد على البلوغ والرُشْد وفَكَّ الوصي والمقدَّم في الأنثى دخول زوج بها بالفعل وشهادة العدول بحِفْظِها مالَها، وإنَّما احتيج للإشهاد لأن شأن النساء الإسراف، فمدار الرُّشد عندنا على صَوْن المال فقط دون صَوْن الدّيْن اهـ. انظر حاشية الصاوي عليه.
قال رحمه الله تعالى: "ولا تُشْتَرَطُ العَدَالَةُ" المراد بالعدالة هنا حُسْن التصرُّف كما في حاشية الصاوي، وبعبارة أخرى: لا تُشْتَرَط العدالة في دعوى البلوغ وعدمها لأنها لا اعتبار بها هنا؛ لأنها تارة تُقْبَل وأخرى تُرَدّ. قال العلاّمة الجزيري في فِقْهِ المذاهب: وإذا ادَّعى الصغير البلوغ أو عدمه فإن له حالتَيْن: الحالة الأولى أن يشكَّ في صِدْقِه، وفي هذه الحالة ثلاث صُوَر: الصورة الأولى أن يدَّعي البلوغ ليأخذ مالاً أو ليثُثبت عليه مالاً للغير، فالأول كأن يدَّعي البلوغ ليأخذ سَهْمَه في الجهاد، والثاني كأن يدَّعي عليه شخص بأنه أتلف له مالاً اوؤئمن عليه وأنه بالغ فأقرَّ بذلك وخالفه الولي. وفي هذه الصورة لا تسمع دعواه مع الشكّ فيها. الصورة الثانية أن يدَّعي البلوغ ليثبت طلاقه من امرأته، أو يدَّعي عدم البلوغ ليفرَّ من إثبات طلاقها، وفي هذه الصورة تُقْبَل دعواه إثباتًا ونَفْيًا. الصورة الثالثة أن يدَّعي البلوغ ليفرّ من عقاب جناية ارتكبها، وفي هذه الصورة تُقْبَل دعواه مع الشكَّك في صِدْقِه، لأن الحدود تدرأ بالشبهات. أمَّا إذا ادَّعى البلوغ ليثبت على نفسه مع الشك في صِدْقِه، لأن الحدود تدرأ بالشبهات. أمَّا إذا ادَّعى البلوغ ليثبت على نفسه جناية فإنه لا يَصْدُق مع الشكّ لهذه العلة. الحالة الثانية ألاَّ يُشَكّ في صِدْقه، وفي هذه الحالة تُقْبَل دعواه في الأموال أيضًا إثباتًا ونفيًا. فإذا ادَّعى أنه بلغ ليأخذ سهمه في الجهاد أو ليأخذ مالاً مشروطًا ببلوغه أو نحو ذلك فإن دعواه تُقْبَلأ حيث لم يشك في صِدْقه،