كان ذلك مراراً، لأنه أمين، هذا ما لم يدفع له الثمن قبل الشراء فإن دفع له الثمن قبل شرائه وضاع فلا يلزم الموكل شيء، لأنه وكله على الشراء بمال معين فذهب وذمة الموكل لم تشتغل بشيء من ذلك. قال خليل: ولزم الموكل غرم الثمن إلا أن يصل لربه إن لم يدفعه له. قال شارحه: يعني أنه إذا وكله على شراء سلعة ولم يدفع ثمناً فاشتراها له بما أمره ثم أخذ
الوكيل الثمن من الموكل ليدفعه للبائع فضاع فإن ثمنها يلزم الموكل ولو ضاع مراراً إلى أن يصل إلى ربه، لأن الوكيل إنما اشترى السلعة على ذمة الموكل فالثمن في ذمته إلى أن يصل إلى ربه إلا أن يكون الموكل دفع لوكيله ثمن السلعة قبل أن يشتريها فإنه إذا ضاع من الوكيل لا يلزم الموكل أن يغرم الثمن ثانية، لأنه مال بعينه لا يلزمه غيره إلا إن شاء الموكل أن يدفع إليه الثمن ثانية ويأخذ السلعة فله ذلك سواء كان تلف الثمن قبل قبض السلعة أو بعده، وتلزم السلعة الوكيل بالثمن الذي اشتراها به إن لم يأخذها الموكل، وهذا كله إذا لم يكن بحضرة ربه أي رب الثمن الذي ضاع بيد الوكيل وإلا لزم الموكل غرمه، فقوله إن لم يدفعه له أي قبل الشراء، فإن دفعه له قبله لم يلزمه غرمه حيث لم يأمره بأن يشتري له في الذمة ثم يقبضه وفعل كذلك فإنه حينئذ يلزمه غرمه إلى أن يصل إلى ربه اهـ. الخرشي بتوضيح من حاشية العدوي والمواق.
قال رحمه الله تعالى: " ولو دفع من ماله وقبض العوض فتلفه منه والله أعلم " يعني أنه لو أن الوكيل سواء مفوضاً أو غيره اشترى شيئاً ودفع الثمن من ماله وقبض المبيع وبعد ذلك تلف من يده فتلفه منه لا يلزم الموكل من ثمنه شيء، لأن الوكيل التزم شراءه لنفسه بماله اهـ. بمعناه. والله أعلم.
ولما أنهى الكلام على الوكالة وما يتعلق بها انتقل يتكلم على الحَجْر وما عطف عليه فقال رحمه الله تعالى.
انتهى الجزء الثاني، ويليه الجزء الثالث
وأوله (كتاب الحجر والصلح والحمالة والحوالة)