منه، لا ما يعلمه اليوم " يعني يجوز لرب الشجر أن يجعل للعامل جزءاً معيناً مما يحصده أو يجذه أو ينفضه في مقابلة عمله، لا ما يعمله في يومه للجهل بمقداره كما هو في المدونة، ونصها: أرأيت إن قلت لرجل احصد زرعي هذا، أو التقط زيتوني هذا، فما لقطت أو حصدت منه من شيء فلك نصفه، ففعل ذلك أيكون له أن يترك ذلك فلا يعمله في قول مالك؟ قال: نعم. قلت: فإن قال له احصد زرعي هذا كله ولك نصفه فقال: نعم. قلت: فإن قال له احصد زرعي هذا كله ولك نصفه فقال نعم، أو التقط زيتوني هذا كله ولك نصفه فقال نعم، ثم بدا له بعد أن يتركه، أيكون ذلك له أم لا؟ قال: لا يكون له أن يتركه، وذلك لازم له، وكذلك قال لنا مالك. قلت: لم ألزمه مالك إذا قال له احصده كله ولك نصفه؟ فقال: لأنه يصير أجيراً له بنصف هذا الزرع لأنه لو باع نصف هذا الزرع كان جائزاً، فلما جعل له نصف جميع الزرع على حصاده جاز وصارت إجارة، قلت هذا خلاف ما قرره الجزيري من أنها إجارة فاسدة للعامل أجرة مثله كما يأتي. وأما إذا قال له: ما حصدت من شيء فلك نصفه فهذا جعل، وهو متى شاء خرج؛ لأنه لم يجب له شيء يعرفه. وسأل ابن القاسم مالكاً: لو قال له احصد لي اليوم أو التقط فما حصدت أو التقطت اليوم فلك نصفه، فقال مالك: لا خير فيه، فقلت: لم؟ قال من أجل أن الرجل لو قال للرجل: أبيعك ما ألقطه اليوم بكذا وكذا لم يكن في ذلك خير، فلما لم يجز بيعه لم يجز أن يستأجره به، ولا يجعله له جعلاً في عمل يعمله له في يوم، ولا يجوز في الجعل وقت موقت إلا أن يقول: متى ما شئت تركته فيكون ذلك جائزاً اهـ المدونة.
وحاصل ما فهم من النصوص أن بين الإجارة والجعالة خصوصاً وعموماً، وكل موضع جاز فيه الجعل تجوز فيه الإجارة، وليس موضع جازت فيه الإجارة يجوز فيه الجعل، كخياطة ثوب، فالإجارة أعم منه، والجعل أخص منها. وصور بعضهم ما يصح في الجعل ولا يصح في الإجارة، مثال ذلك - كما في الجزيري - تأجير العامل
الذي يجني