الصرف ولا في بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة مواعدة ولا خيار ولا كفالة ولا حوالة، ولا يصح إلا بالمناجزة لا يفارق صاحبه وبينه وبينه عمل، ثم ذكر الحديث المتقدم. وقال عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: وإن استنظرك إلى أن يلج بيته فلا تنظره إني أخاف عليكم الرماء، والرماء هو الربا ومثله في الموطأ اهـ. قال مالك في المدونة: ولا يصلح أن تدفع إليه الدينار فيخلطه بدنانيره ثم يخرج الدراهم فيدفعها إليك اهـ. قال أبو محمد في الرسالة: فيجوز ولو اختلفا في الوزن والعدد لما تقدم من قوله عليه الصلاة والسلام، فإذا اختلف الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد اهـ النفراوي.
ثم بالغ في وجوب المماثلة وعدم التأخير في النقدين فقال رحمه الله تعالى:
" جيد الجنس ورديه وتبره ومضروبه وصحيحه ومكسوره سواء " يعني أن الجيد والردئ من الذهب والفضة تبره ومضروبه، صحيحه ومكسوره سواء لا يجوز فيه التفاضل في صرفه بجنسه كما لا يجوز فيه التأخير بل وجب فيه المناجزة والمماثلة كما في الحديث، وتقدم في الزكاة مثل هذه المبالغة بقوله: إنها تجب في أوانيهما وحلي التجارة، وآنية ما لا تجوز تحليته، والمتخذ ذخيرة إلى أن قال: جيد الجنس ورديئة، تبره ومضروبه، صحيحه ومغشوشه ومكسوره سواء فراجعه إن شئت.
قال رحمه الله: " ويجوز تطارح ما في ذمتيهما صرفاً بشرط حلولهما وتماثلهما واقتضاء أحدهما من الآخر بشرط الحلول وقبض الجميع في الفور " يعني أنه يجوز قضاء ما في الذمة بمثله إذا كملت الشروط الآتية، وهذه المسألة تسمى بالمقاصات أي المتاركات. قال العلامة الدردير في أقرب المسالك: المقاصة متاركة مدينين بمتماثلين عليهما كل ماله ما عليه أي كل واحد منهما يترك حقه في نظير الحق الذي عليه،