وكنايته، يعني كما تقدم أن هذه من الكناية الخفية التي تقبل نيته فيما أراد بتلك الألفاظ. والحاصل أن حكم الكناية الخفية يتبع النية، فإن لم تكن له نية أصلاً أو نوى عدم الطلاق فإنه لا يلزمه بها شيء، وإن نوى الطلاق لزمه، فإن نوى واحدة لزمته واحدة، وإن نوى أكثر لزمه الأكثر كما تقدم.
قال رحمه الله تعالى: " ولو سألته الطلاق فأجابها بلفظ أو إشارة مفهمة لزمه ككتبه وإنفاذه " يعني لو سألته الطلاق فقال لها لك ما طلبت لزمه ما نوى، أو قال أنت طالق لزمه، أو أشار لها بإصبع أو أصابع أو بغيرها مما يفهم أنه أراد الطلاق
لزمه ما أشار، أو كتب كتاباً وأرسل إليها فوصل لزمه ما كتب. قال الدردير في أقرب المسالك: ولزم بالإشارة المفهمة وبمجرد إرساله وكتابته عازماً، وإلا فبإخراجه عازماً، أو وصوله لا بكلام نفسي أو فعل إلا أن يكون عادتهم اهـ. ومثله في المختصر، قال الشارح من المدونة، قال مالك: من قال لرجل أخبر زوجتي بطلاقها أو أرسل إليها بذلك رسولاً وقع الطلاق حين قوله للرسول، بلغها الرسول أو لم يبلغها ذلك وكتمها. وإن كان ليشاور نفسه ثم بدا له فذلك له، ولا يلزمه طلاق. قال ابن القاسم: ولو أخرج الكتاب من يده عازماً وقد كتبه غبر عازم لزمه حين أخرجه من يده، وإن كان أخرجه غبر عازم فله رده ما لم يبلغها، فإن بلغها لزمه اهـ المواق. وعبارة صاحب العزية أنه قال: وأما ما يقوم مقام اللفظ فأنواع: منها الإشارة المفهمة وهي معتبرة من الأخرس في الطلاق قلت: روى الباجي: إشارة السليم بالطلاق برأسه أو بيده كلفظه لقوله تعالى: {ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزاً} {آل عمران: 41} كما في المواق. ثم قال: ومنها كتابة الطلاق من القادر على النطق، فإن كتب الكتاب بالطلاق وهو عازم على الطلاق وقع عليه ما كتبه، وإن كتبه غير عازم فله رده ما لم يبلغ المرأة فيلزمه، ولو عقد الطلاق بقلبه جازماً من غير تردد ففي وقوع الطلاق عليه بمجرد ذلك روايتان اهـ.