قال رحمه الله تعالى: " وخطبة جماعة امرأة " معطوف على النظر يعني ويباح للجماعة أن يخطبوا امرأة في أول أمرها قبل ركونها أو وليها إلى أحد من الخطاب: قال ابن رشد في المقدمات: لا بأس أن يجتمع الاثنان والثلاثة وأكثر على خطبة المرأة. وقد روي أن جرير بن عبد الله البجلي سأل عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أن يخطب عليه امرأة من دوس ثم سأله مروان بن الحكم بعد ذلك أن يخطبها عليه، ثم سأله بعد ذلك ابنه عبد الله أن يخطبها عليه، فدخل على أهلها
والمرأة جالسة في قبتها عليها سترها، فسلم عمر فردوا السلام وهشوا له وأجلسوه، فحمد الله تعالى وأثنى عليه وصلى على نبيه عليه الصلاة والسلام ثم قال: إن جرير بن عبد الله البجلي يخطب فلانة وهو سيد المشرق، ومروان بن الحكم يخطبها وهو سيد شباب قريش، وعبد الله بن عمر يخطبها وهو من قد علمتم، وعمر بن الخطاب يخطبها، فكشفت المرأة عن سترها وقالت: أجاء أمير المؤمنين؟ قال: نعم. قالت: قد زوجت يا أمير المؤمنين زوجوه فزوجوه إياها فولدت له ولدين اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " فإذا ركنت إلى أحدهم لم يجز لغيره إلا أن يرغب الأول عنها " لخبر: " لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له " رواه الخمسة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال في الرسالة: ولا يخطب أحد على خطبة أخيه ولا يسوم على سومه. وذلك إذا ركنا وتقاربا اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " والصحيح أنه لا يفسخ ولكن يتحلل منه، فإن أبى عليه استغفر الله " يعني أنه قد كثرت أقوال العلماء في فسخ هذا النكاح وعدم فسخه. قال بعضهم: يفسخ قبل الدخول وبعده. وقال بعض: يفسخ قبل الدخول ويثبت بعده. وقال بعض: يفسخ ما لم يطل. وقال بعض: يفسخ ولو طال ولو ولدت الأولاد. فأجاب المصنف بقوله: والصحيح أنه لا يفسخ إلخ، يعني الصحيح من أقوال العلماء أنه لا يفسخ النكاح المذكور، وغاية الأمر أن يرضيه ويحلله فيما أرتكبه من فعل المنهي عنه، فإن حلله وسامحه فلله الحمد وإلا فليستغفر الله تعالى ويتب إليه عن مثل ذلك.