أي في بيان ما يجوز تناوله من الأطعمة والأشربة وما لا يجوز منه لضرره بالعقل أو البدن، أو ما هو محرم شرعاً مما في تعاطيه اختياراً يلزم به إثم عظيم كشرب الخمر، وأكل الميتة ونحو ذلك مما سيأتي بيانه إن شاء الله. وبدأ بما اتفق عليه في المذهب فقال رحمه الله تعالى: " ميتة جميع دواب الماء مباح " يعني أن ميتة البحر طاهرة مطلقاً، ونقل عن أئمة المذهب ما حاصله أنهم قالوا: جميع حيوانات البحر مباح أكلها، ولم يستثنوا منها شيئاً أبداً. قال بعضهم: اعلم أن ميتة البحر طاهرة ولو تغيرت بنتونة، إلا أن يتحقق ضررها فيحرم أكلها لذلك لا لنجاستها، وكذا المذكى ذكاة شرعية طاهر ولو تغير بنتونة، ويؤكل ما لم يخف الضرر، وسواء وجد ذلك الميت راسباً في الماء أو طافياً، أو في بطن حوت أو طير، وسواء ابتلعه ميتاً أو حياً ومات في بطنه ويغسل ويؤكل. وسواء صاده مسلم أو مجوسي. وشمل قوله البحري آدمي الماء وكلبه وخنزيره. ى قال الخرشي: وهو المعتمد، وما عداه لا يعول عليه اهـ.
وشبه رحمه الله في الإباحة فقال: " كصيد المجوسي " يعني أن ما صاده المجوسي في البحر طاهر يؤكل بدون توقف. قال مالك في الموطأ: لا بأس بالحيتان يصيدها المجوسي، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في البحر: " هو الطهور ماؤه والحل ميتته " قال مالك: وإذا أكل ذلك ميتاً فلا يضره من صاده اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " والطير كله " معطوف على صيد المجوسي يعني أن الطير كله مباح. قال رحمه الله تعالى: " وتكره سباعه " وما ذكره من كراهة سباع الطير هو كذلك. والكراهة لا تنافي الجواز. قال في الرسالة: ولا بأس بأكل سباع