عثمان بن عفان، ثم معاوية، ثم عبد الملك بن مروان، ثم المهدي العباسي. وهؤلاء أظهروا ما حدده سيدنا إبراهيم بعد درسه لا أنهم أحدثوا حدودا من عند أنفسهم اهـ مع زيادة من الحطاب على منسك خليل. ثم اعلم أنه لا جزاء عندنا في قطع شجر الحرم، بل يجب على من قطعه الاستغفار كعقد المكاح. قال مالك في الموطأ: ليس على المحرم فيما قطع من الشجر في الحرم شيء، ولم يبلغنا أن أحدا حكم عليه فيه بشيء وبئس ما صنع اهـ وقال ابن جزي في القوانين: ولا يقطع شيئا من شجر الحرم يبس أم لا، فإن فعل استغفر الله ولا شيء عليه. وقال الشافعي: في الشجرة الكبيرة بقرة، وفي الصغيرة شاة اهـ.
ثم انتقل يتكلم على دماء الحج فقال رحمه الله تعالى:
فَصْلٌ
في دماء الحج مطلقا وسن الهدي وغيره مما يجزئ وما لا يجزئ
أي في بيان أحكام دماء الحج والعمرة أو غيرهما كالنذر، أما دماء الحج فهي على ثلاثة أنواع: الهدي والفدية وجزاء الصيد. قال رحمه الله تعالى: " دماء الحج كلها هدي إلا نسك الأذى " يعني أن دماء الحج كلها تسمى هديا إلا ما استثنى منها
فهي فدية الأذى وجزاء الصيد، فكل منهما يختص بأحكام وشروط تأتي بمحلها إن شاء الله تعالى. قال خليل: وغير الفدية والصيد مرتب هدي، ثم ذكر مراتب الدماء فقال رحمه الله تعالى: " وأعلاه بدنة وأدناه شاة " يعني الأفضل ما يهدى به من الأنعام البدنة لكثرة لحمها. قال الصاوي: لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان أكثر هداياه الإبل، نحر في حجة الوداع مائة باشر منها ثلاثا وستين، ونحر علي سبعا وثلاثين.
ويؤخذ من هذا الحديث أن مباشرة النحر بيده أفضل إلا للضرورة فيستنيب المسلم، لأن الكافر لا مدخل له في القرب، عكس الضحايا فإن الأفضل فيها الضأن لأنه صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين اهـ. قال خليل: