وحقيقته اللبث في المسجد للعبادة على وجه مخصوص. وأقله يوم وليلة، وأكمله عشرة أيام. وهو من نوافل الخير اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " الاعتكاف ملازمة المسجد ليلا ونهارا مع النية والصوم مشتغلا بالعبادات " يعني أن الاعتكاف عبادة مخصوصة، وهي ملازمة المسجد، كما قال الله تعالى: {وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] مع النية والصوم مشتغلا بالعبادة المخصوصة، وهي الصلاة، وتلاوة القرآن وذكر الله تعالى كالهيللة والحمدلة، والاستغفار، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. وينبغي أن يستغرق أوقاته بذلك، لأن المقصود تصفية النفس وصرفها عن شهواتها الدنيوية، كما قال رحمه الله تعالى: " تاركا للأسباب الدنيوية إلا لضرورة تحصيل طعامه " يعني كما قال مالك في المدونة، ومثله في الموطأ: المعتكف مقبل على شأنه لا يعرض لغيره مما يشغل به نفسه من التجارات أو غيرها. وقال: لا بأس أن يشتري ويبيع
الشيء الخفيف لعيشه الذي لا يشغله. وأما شراؤه أو بيعه للتجارة داخل المسجد فيكره اهـ. وفي النفراوي: فالحاصل أنه يكره بيعه أو شراؤه للتجارة مطلقا أي سواء كان خارج المسجد أو داخله، ويجوز لغيرها مما لا يستغنى عنه ولو خارجه بحيث لا يجاوز محلا قريبا يمكن الشراء منه، ويشترط أن لا يجد من يشتري له وسئل مالك: أيجلس العلماء ويكتب العلم؟ فقال: لا يفعل إلا الأمر الخفيف، والترك أحب إلي اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " واشتراطه الخروج ملغى، ويبطل بالخروج إلا لحاجة الإنسان أو طعامه، ولو لعيادة أو صلاة جنازة أو جمعة " يعني لا شرط في الاعتكاف سواء قبل الدخول أو بعده. قال ابن عرفة: وشرط منا فيه لغو. وقال خليل: وإن شرط سقوط القضاء لم يفده اهـ. وقال مالك في المدونة: لا أسمع أن أحدا من أهل العلم يذكر أن في الاعتكاف شرطا لأحد، وإنما الاعتكاف عمل من الأعمال كهيئة الصلاة والصوم