وقال أبو محمد في الرسالة بعد أن ذكر فضل الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم: وهذا كله في الفرائض، وأما النوافل ففي البيوت أفضل، ولذا قال بعضهم رحمه الله تعالى في نظمه:
وفي البيوت للنساء أولى ... وللرجال من يريد نفلا
وفي الحديث " أفضل الصلوات بعد الفريضة الصلاة في جوف الليل " وفي الخبر أيضا " عليكم بقيام الليل فإنه مرضاة لربكم ودأب الصالحين قبلكم " وفي الرسالة: وأفضل الليل آخره في القيام، فمن أخر تنفله ووتره إلى آخره فذلك أفضل، إلا من الغالب عليه أن لا ينتبه فليقدم وتره مع ما يريد من التنفل أول الليل، ثم إن شاء إذا استيقظ في آخره تنفل ما شاء منها مثنى مثنى، ولا يعيد الوتر اهـ وما ذكر صاحب الرسالة من التنفل ليس فيه شيء محدود، بل الأمر في ذلك بحسب ما تيسر منه، فإن تيسرت الركعات الواردة في السنة أعني العدد الذي كان يوتر بعده صلى الله عليه وسلم فهو الأولى، وإن زاد على ذلك فهو خير، وإن نقص بحسب الطاقة فقد أتى بالمطلوب. وقد جاء في الخبر " قم من الليل ولو قدر حلب شاة " نسأل الله أن يوقفنا للعمل بالسنة آمين.
ثم قال المصنف رحمه الله تعالى: " ويجوز الجلوس مع القدرة على القيام " يعني أنه يجوز للمتنفل أن يفتتح صلاته جالسا مع القدرة على القيام، أو يفتتحها قائما ويجلس كذلك. قال الأخضري: وأما النافلة فيجوز للقادر على القيام أن يصليها جالسا وله نصف أجر القائم، ويجوز أن يدخلها جالسا ويقوم فيمتنع جلوسه بعد ذلك اهـ، قال الشارح: يعني أن القيام في الصلاة على جهة الوجوب والشرطية إنما هو في صلاة الفرض، وأما النفل فلا يشترط فيه