كل كائنة في الوجود فهي بقدرة الله تعالى وإرادته على وفق علمه القديم، ولا تأثير لشيء في شيء، ولا فاعل غير الله تعالى، وكل بركة في السماوات والأرض فهي من بركات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي هو أفضل خلق الله على الإطلاق، ونوره أصل الأنوار، والعلم بالله تعالى وبرسله وشرعه أفضل الأعمال، وأقرب العلماء إلى الله تعالى وأولاهم به أكثرهم له خشية وفيما عنده رغبة الواقف على حدود الله تعالى من الأوامر والنواهي المراقب له في جميع أحواله، قال تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات: 13]، واعلم أن الدنيا دار ممر لا دار قرار، وأن مردنا إلى الله وأن المسرفين هم أصحاب النار، فينبغي للعاقل أن يتجافى عن دار الغرور بترك الشهوات والفتور، ويقتصر على الضرورات تاركًا لفضول المباحات شاكرًا ذاكرًا صابرًا مسلمًا لله تعالى أمره، ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه. والنية الحسنة روح العلم ولربما قبلت المعصية طاعة، وكثرة ذكر الله تعالى موجبة لنور البصيرة، وأفضله لا إله إلا الله، فعلى العاقل الإكثار من ذكرها حتى تمتزج بدمعه ولحمه فيتنوع من مجمل نورها عند امتزاجها بالروح والبدن جميع أنواع الأذكار الظاهرية والباطنية التي منها التفكر في دقائق الحُكْم المنتجة لدقائق الأسرار، ومنها التفكر في دقائق الكتاب والسنة الموصل لمعرفة الأحكام الشرعية، ومنها مراقبة الله عند كل شيء حتى لا يستطيع أن يفعل المنهي عنه ومنها طمأنينة القلب بكل ما وقع في العالم من انزعاج ولا اعتراض فيتم له التسليم للعليم الحكيم، ومنها وفور محبة الله تعالى حتى تميل إلى عالم الغيب والقُدُس أكثر من ميلها إلى عالم الشهادة والحس فتشتاق إلى لقاء