قصاص))، وفيهما أن رجلاً اطلع في حجرة من حجر النبي صلى الله عليه وسلم فقام إليه بمشقص وجعل يختله ليطعنه. فذهب إلى القول بهذه الحكومة وإلى التي قبلها فقهاء الحديث، منهم الإمام أحمد والشافعي رحمهما الله، ولم يقل بها أبو حنيفة ومالك اهـ بحروفه.
والحاصل أنه لا يحل لشخص أن يطلع على أحد إلا بعد إذن وإنذار، ولا يجوز له أن يتعمد استماع كلام أحد لينقله إلى غيره، بل ولو لم ينقله إلى أحد؛ لأن ذلك بدون إذنه ربما يكون ذلك من باب النفاق أو النميمة أو السمعة وكلها من الكبائر.
ثم قال رحمه الله تعالى: (ولا يدخل الحمام إلا مستورًا ويكره للنساء إلا لضرورة)، يعني كما في الرسالة، ونصها: ولا يدخل الرجل الحمام إلا بمئزر، ولا تدخله المرأة إلا من علة. قال شارحها: والحمام معروف وهو مذكر باتفاق، ولا يجوز أن تدخله المرأة ولو بمئزر إلا من علة لقوله عليه الصلاة والسلام: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخلن حليلته الحمام))، وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام: ((ستفتح عليكم أرض العجم وستجدون فيها بيوتًا يقال لها: الحمامات، فلا يدخلها الرجال إلا بإزار وامنعوها النساء إلا مريضة أو نفساء))، والظاهر من كلام المصنف صاحب الرسالة: جواز دخوله للرجل بالمئزر ولو لغير علة ولو مع وجود غيره، وأما بغير مئزر مع رؤية من يحرم عليه نظره فلا يجوز وجواز الدخول بالمئزر لا ينافي قول ابن القاسم: ترك دخوله أحسن لاحتمال الانكشاف، ولذا قال شيخه الإمام مالك، رضي الله عنه: والله ما دخوله بصواب، وما ورد من منع دخوله فمحمول على الدخول بغير مئزر مع وجود من لا يحل نظره إليه، ويجوز للمرأة دخوله عند العلة المحوجة إلى دخوله كحيض أو نفاس أو جناة أو مرض مع زوجها، وأما مع امرأة فعورتها معها كعورة الرجل مع الرجل حيث كانت مسلمة اتفاقًا، وأما مع الكافرة فقيل: إن المسلمة معها كالأجنبية
مع