بإسناده عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) اهـ. وردت الأحاديث بجواز هجران أهل البدع والفسوق ومنابذي السنة، وأنه يجوز هجرانهم دائمًا، والنهي عن الهجران فوق ثلاث إنما هو لمن هجر أخاه لحظ نفسه ومعاش الدنيا، وأما أهل البدع
ونحوهم فهجرانهم دائم. وما زالت الصحابة والتابعون فمن بعدهم يهجرون من خالف السنة أو من أدخل عليهم من كلامه مفسدة اهـ. نقله الزرقاني في شرح الموطأ عن النووي.
ثم قال رحمه الله تعالى: (والاستئذان ثلاث فإن أذن له وإلا انصرف وليسم نفسه)، يعني كما في الحديث: ((الاستئذان ثلاث، فإن أذن لك فادخل وإلا فارجع))، رواه مالك في الموطأ عن أبي موسى الأشعري. واعلم أنه لا يجوز لأحد أن يدخل على أحد بيته حتى يستأذن عليه. وصفة الاستئذان أن يقول: السلام عليكم أأدخل؟ يستأذن ثلاثًا ولا يزيد على ذلك إلا أن يغلب على ظنه عدم السماع، وإذا استأذن فقيل له: من هذا فليسم نفسه باسمه أو بما يعرف به من الكنية ولا يقول: أنا. وعبارة ابن جزي في القوانين: صفته أن يقول: السلام عليكم أأدخل؟ ثلاثًا، فإن أذن له وإلا انصرف. والاستئذان واجب، فلا يجوز لأحد أن يدخل على أحد بيته حتى يستأذن عليه أجنبيًا كان أو قريبًا، ويستأذن على أمه وعلى أخيه وعلى كل من لا يحل له النظر إلى عورتها، وإذا استأذن فقيل له: من أنت فليسم نفسه أو بما يعرف به ولا يقول: أنا اهـ. قد اتفق المعبرون على أن لفظ أنا مبهم لا يفاد منه شيء وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كرره ممن أجابه بأنا حين خرج وهو يقول: أنا أنا كأنه منكر له فافهم هذا. كثير من العوام يقولون: أنا بعد الاستئذان وهو غير مفيد في محل طلب الإفادة فتأمل. بتوضيح.