والسيَّد من المال منجَّمًا، قلَّت النجوم أو كرَت، فإن عجز رجع رقيقًا وحلَّ له ما أُخِذَ منه، ولا يعجَّزه إلاَّ السلطان بعد التلوُّم إذا امتنع من التعجيز اهـ.
قال رحمه اللَّه تعالى: "الْكِتَابَةُ بَيْعُ السَّيِّد عَبْدَهُ مِن نَفْسِهِ بِمَالٍ مُنجَّم يُؤَدِيهِ عَلَى نَجْمِه فَإِنْ عَجَّلَهُ لَزِمَهُ قَبُولُهُ وَيُرَقُّ بِعَجْزِهِ وَلَوْ بَقِيَ دِرْهَمٌ: يعني أن الكتابةً بَيْعٌ بعِوَضٍ مؤَجّل إلى أجِلِه فإن عجَّله العبد لزم على السَّيد قبوله، وإن عجز عن الأداء ولو درهمًا واحدًا عجَّزه الحاكم بعد التلوّم؛ وذلم لِما ثبت ف يالصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"المكاتب عَبْدٌ ما بقي عليه درهم" رواه أبو داود والترمذي والنسائي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عند جدّه مرفوعًا. ورواه مالك في الموطَّأ عن نافع عن عبد الله بن عمر بلفظ: المكاتب عَبْدٌ ما بقي من كتابته شيئٌ. وأركانها أربعة، قال ابن جزي: وهي المكاتَب بالفتح والمكاتِب بالكسر والعِوَض والصيغة؛ وذلك أنّ معنى الكتابةش راء العبد نفسه من سيَّده بمالٍ يكسبه العبد، فالسيَّد كالبائع والعبد كالمشتري ورقبته كالثمن والمال الثمن، فأمَّا السيَّد فهو كل مالك صحيح غير محجور اهـ.
قال رحمه اللَّه تعالى: "وَلاَ يُجْبَرُ السَّيَّدُ عَلَيْهَا:" يعني أن السَّيد لا يُجْبَرُ على أن يكاتب عبده؛ لأن الكتابة ليست بواجبة على المشهور، والغاية أنها مندوبة أو جائزة، ولا يُجْبَر أحد على فِعْلِ واحدة منهما. قال مالكٌ: الأمر عندنا أنه ليس
على سيَّد العبد أن يكاتبه إذا سأله ذلك، ولم أسمع أن أحدًا من الأئمة أَكْرَهَ رجلاً على أن يكاتب عَبْدَه، وقد سمعتُ بعض أهل العِلْم إذا سُئل عن ذلك فقيل له: إنّ اللَّه تبارك وتعالى يقول: فكاتِبُوهم إن عَلِمْتم فيهم خيرًا، يتلوهاتين الآيتَيْن: وإذا حللتم فاصطادوا. فإذا قَضِيَتِ الصلاةُ فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله. قال مالكٌ: وإنَّما ذلك أمرٌ أذِن اللَّه عزّ وجلّ فيه للناس، وليس بواجب عليهم اهـ. الموطَّأ.