بارتداد أو زندقة أو سحر أو بغير ذلك. والدليل على وجوب قَتْلِ الزنديق ما في صحيح البخاري أنَّ عليًّا، رضي الله عنه، أتَى بزنادقة فأحرقهم فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لِنَهْي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تعذبوا بعذاب الله" ولقتلهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بدّل دينه فاقتلوه".
ثم قال رحمه الله تعالى: "وَمَنْ سَبَّ اللَّه أضوْ نَبِيًّا قُتِلَ دُونَ اسْتِتابَة" يعني أن من سَبَّ اللَّه تعالى أو سَبَّ نبيًّا من الأنبياء ممن أجمع على نبوته قُتِلَ، وال تُقْبَل توبته. قال في الرسالة: ومَنْ سَبَّ رسول اله صلى الله عليه وسلم قُتشل، ولا تقبل توبته. ومَنْ سَبّه من أهل الذمة بغير ما به كفر، أو سَبَّ الله عزّ وجلّ بغير ما به كفر، قُتِل إلاَّ أن يسلِم اهـ. قال العلاّمة ابن جزي في القوانين: وأما من سضبَّ اللَّه تعالى أو النبي صلى الله عليه وسلم أو أحدًا من الملائكة أو الأنبياء فإن كان مسلمًا قُتِلَ اتفاقًا، واختُلِفَ هل يُستتاب أم لا فَعَلَى القول بالاستتابة تسقط عنه العقوبة إذا تاب، وفاقًا لهما. وعلى عدم الاستتابة - وهو المشهور- لا تسقط عنه بالتوبة كالحدود. وأمَّا ميراثه إذا قُتِلَ فإن كان يظهر السَّبَّ فلا يَرِثُه ورثته، وميراثه للمسلمين. وإذا كان منكرًا للشهادة عليه فمالُهُ لورثته، وإن كان كافرًا فإن سّبَّ بغير ما به كفر فعَلَيْه القتل، وإلاَّ فلا قَتْلَ عليه. وإذا وَجَبَ عليه القتل فأسلَم فاختُلِفَ هل يُقْبَل منه أم لا. ومَنْ سَتَّ أحدًا مِمَّن اختُلِفَ في نبوته كذي القرنين أو في كونه من الملائكة لم يُقْتَل، وأدَّبَ أدبًا وجيعًا، وأمَّا مَنْ سَبَّ أحدًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو أزواجه أو أهل بيته فلا قَتْلَ عليه، ولكن يؤدَّب بالضَّرْب الوجيع ويكرَّر ضربه ويُطال سجنه. واعلم: أن الألفاظ في هذا الباب تختلف أحكامها باختلاف معانيها والمقصاد بها وقرائن الأحوال: فمنها ما هو كُفْر، ومنها ما هو دون الكفر، ومنها ما يجب فيه القتل، ومنها ما يجب فيه الأدب، ومنها ما لا يجب فيه شيئ، فيجب الاجتهاد في كل قضية
بعينها. وقد استوفى القاضي أبو