[فَصْلٌ ادَّعَى الْمَالِكُ خِيَانَةَ الْعَامِلِ فِي الثَّمَرَةِ أَوْ غَيْرِهَا فِي الْمُسَاقَاةِ]

(فَصْلٌ) لَوْ (ادَّعَى) الْمَالِكُ (خِيَانَةَ الْعَامِلِ) فِي الثَّمَرَةِ أَوْ غَيْرِهَا كَالسَّعَفِ (لَمْ تُسْمَعْ) دَعْوَاهُ (حَتَّى يُبَيِّنَهَا) أَيْ الْخِيَانَةَ أَيْ قَدْرَ مَا حَصَلَ بِهَا فَإِذَا بَيَّنَهُ وَأَنْكَرَ الْعَامِلُ صُدِّقَ الْعَامِلُ بِيَمِينِهِ هَذَا إذَا قَصَدَ تَغْرِيمَهُ فَإِنْ قَصَدَ رَفْعَ يَدِهِ عَنْ الثَّمَرَةِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ مَجْهُولَةً (وَيُثْبِتَ) خِيَانَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ، أَوْ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِيَمِينِ الرَّدِّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ " يُثْبِتَ " مَعْطُوفٌ عَلَى " يُبَيِّنَهَا " وَلَا مَعْنَى لَهُ مَعَ أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لَيْسَتْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَا فِي الْأَصْلِ (فَإِنْ ثَبَتَتْ) خِيَانَتُهُ (حَفِظَ بِمُشْرِفٍ إنْ أَمْكَنَ حِفْظُهُ) بِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَحْوَجَ إلَى ذَلِكَ بِخِيَانَتِهِ وَلَا تُرْفَعُ يَدُهُ لِأَنَّ الْعَمَلَ حَقٌّ عَلَيْهِ وَيُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ بِمَا ذُكِرَ فَتَعَيَّنَ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ حِفْظُهُ بِمُشْرِفٍ (اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ) مَنْ يَعْمَلُ عَنْهُ لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْعَمَلِ مِنْهُ وَهُوَ حَقٌّ عَلَيْهِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى عَيْنِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُسْتَأْجَرُ عَنْهُ بَلْ يَثْبُتُ لِلْمَالِكِ الْخِيَارُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (وَرُفِعَتْ يَدُهُ) كَمَا لَوْ كَانَ مَالٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ تَعَذَّرَتْ قِسْمَتُهُ وَظَهَرَتْ خِيَانَةُ أَحَدِهِمَا فَالْحَاكِمُ يَرْفَعُ يَدَهُ عَنْهُ (وَأُجْرَتُهُمَا) أَيْ الْمُشْرِفِ فِي الْأُولَى وَالْأَجِيرِ فِي الثَّانِيَةِ (مِنْ مَالِهِ) أَيْ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ حَقٌّ عَلَيْهِ.

(فَصْلٌ وَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ الْأَشْجَارُ) الْمُسَاقَى عَلَيْهَا (فَلِلْعَامِلِ الْأُجْرَةُ عَلَى الْغَاصِبِ) الَّذِي سَاقَاهُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ مَنَافِعَهُ بِعِوَضٍ فَاسِدٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْغَاصِبُ مَنْ عَمِلَ فِي الْمَغْصُوبِ عَمَلًا وَهَذَا عِنْدَ جَهْلِهِ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَمَّا عِنْدَ عِلْمِهِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَعَبَّرَ الْمِنْهَاجُ بَدَلَ الْأَشْجَارِ بِالثَّمَرِ وَهُوَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ قَدْ يُوصِي بِمَا سَيَحْدُثُ مِنْ الثَّمَرِ، ثُمَّ يُسَاقِي وَيَمُوتُ (وَيَسْتَرِدُّ الْمَالِكُ) مَعَ الْأَشْجَارِ (الثَّمَرَةَ بِأَرْشِهَا إنْ نَقَصَتْ) قِيمَتُهَا (بِالتَّجْفِيفِ) أَوْ غَيْرِهِ (فَإِنْ تَلِفَتْ) أَيْ الثَّمَرَةُ (أَوْ الشَّجَرَةُ) بِجَائِحَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا كَغَصْبٍ (طُولِبَ الْغَاصِبُ وَكَذَا الْعَامِلُ بِالْجَمِيعِ) أَيْ بِبَدَلِهِ لِثُبُوتِ يَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى ذَلِكَ (بِخِلَافِ الْأَجِيرِ لِلْعَمَلِ فِي الْحَدِيقَةِ الْمَغْصُوبَةِ) فَإِنَّ الْمَالِكَ لَا يُطَالِبُهُ، وَإِنَّمَا يُطَالِبُ الْغَاصِبَ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْيَدَ عَلَيْهَا فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هِيَ لَهُ لَا لِلْأَجِيرِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا (وَيَرْجِعُ الْعَامِلُ) عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا غَرِمَهُ (لَكِنَّ قَرَارَ) ضَمَانِ (نَصِيبِهِ عَلَيْهِ) فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ عِوَضًا فِي مُعَاوَضَةٍ فَأَشْبَهَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الْغَاصِبِ.

(فَصْلٌ)

لَوْ (اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَشْرُوطِ) لِلْعَامِلِ (وَلَا بَيِّنَةَ) لِأَحَدِهِمَا (أَوْ) لَهُمَا بَيِّنَتَانِ وَ (سَقَطَتَا تَحَالَفَا) وَفُسِخَ الْعَقْدُ كَمَا فِي الْقِرَاضِ (وَلِلْعَامِلِ) عَلَى الْمَالِكِ (الْأُجْرَةُ) لِعَمَلِهِ (إنْ فَسَخَ) الْعَقْدَ (بَعْدَ الْعَمَلِ) وَإِنْ لَمْ يُثْمِرْ الشَّجَرُ، وَإِلَّا فَلَا أُجْرَةَ لَهُ فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُضِيَ لَهُ بِهَا (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ " وَإِنْ " (عَمِلَ لِشَرِيكَيْنِ) سَاقَيَاهُ عَلَى شَجَرِهِمَا الْمُشْتَرَكِ (وَقَالَ: شَرَطْتُمَا إلَيَّ النِّصْفَ وَصَدَّقَهُ) وَفِي نُسْخَةٍ فَصَدَّقَهُ (أَحَدُهُمَا) وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ بِأَنْ قَالَ بَلْ شَرَطْنَا لَهُ الثُّلُثَ مَثَلًا (فَالتَّحَالُفُ) يَجْرِي (فِي نَصِيبِ الْمُكَذِّبِ) وَأَمَّا نَصِيبُ الْمُصَدِّقِ فَمَقْسُومٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَامِلِ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُصَدِّقِ عَلَى شَرِيكِهِ وَلَهُ) إذْ لَا تُهْمَةَ (وَحُكْمُ اخْتِلَافِهِمَا) أَيْ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ (فِي قَدْرِ) الشَّجَرِ (الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَ) فِي (رَدِّهِ وَ) فِي (هَلَاكِهِ كَمَا فِي الْقِرَاضِ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ.

[فَصْلٌ لَمْ يَثِقْ أَحَدُهُمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ وَخُرِصَتْ الثِّمَارُ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فِي الْمُسَاقَاةِ]

(فَصْلٌ لَوْ لَمْ يَثِقْ أَحَدُهُمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ وَخُرِصَتْ الثِّمَار بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَضَمِنَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا جَازَ) كُلٌّ مِنْ الْخِرْصِ وَالضَّمَانِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخِرْصَ تَضْمِينٌ لَا غَيْرُهُ (وَإِنْ وَثِقَ) بِيَدِ صَاحِبِهِ (تُرِكَ) الثَّمَرُ (إلَى) وَقْتِ (الْإِدْرَاكِ فَيُقْسَمُ) بَيْنَهُمَا إنْ جَوَّزْنَا الْقِسْمَةَ (أَوْ يَبِيعُ أَحَدُهُمَا) نَصِيبَهُ (مِنْ الْآخَرِ، أَوْ يَبِيعَانِ لِثَالِثٍ فَرْعٌ سَوَاقِطُ السَّعَفِ) أَيْ أَغْصَانِ النَّخْلِ (وَالْكَرَبِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ الْكِرْنَافِ (لِلْمَالِكِ) وَكَذَا اللِّيفُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا فَقِيلَ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءٌ كَالثَّمَرِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَعْهُودِ النَّمَاءِ وَلَا مَقْصُودِهِ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ، ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ نَقَلَهُ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ (وَالْقُنْوُ وَشَمَارِيخُهُ بَيْنَهُمَا) .

(فَصْلٌ لَوْ انْقَطَعَ الْمَاءُ) أَيْ مَاءُ الْحَدِيقَةِ (لَمْ يُكَلَّفْ الْمَالِكُ رَدَّهُ) وَإِنْ أَمْكَنَ كَمَا لَا يُكَلَّفُ الشَّرِيكُ وَالْمُكْرِي الْعِمَارَةَ (وَتَلَفُ الثَّمَرِ بِهِ) أَيْ بِانْقِطَاعِ الْمَاءِ وَإِنْ أَمْكَنَ رَدُّهُ (كَالْجَائِحَةِ) أَيْ كَتَلَفِهِ بِهَا وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ.

[فَصْلٌ أَعْطَاهُ دَابَّةً لِيَعْمَلَ عَلَيْهَا أَوْ لِيَتَعَهَّدَهَا وَفَوَائِدُهَا بَيْنَهُمَا فِي الْمُسَاقَاة]

(فَصْلٌ) لَوْ (أَعْطَاهُ دَابَّةً لِيَعْمَلَ عَلَيْهَا، أَوْ لِيَتَعَهَّدَهَا وَفَوَائِدُهَا بَيْنَهُمَا لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ أَمَّا فِي الْأُولَى.

ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَرْعٌ تَلِفَتْ الثِّمَارُ كُلُّهَا بِجَائِحَةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَغَصْبٍ أَوْ لَمْ تُثْمِرْ فِي الْمُسَاقَاة]

قَوْلُهُ: هَذَا إنْ قَصَدَ تَغْرِيمَهُ فَإِنْ قَصَدَ رَفْعَ يَدِهِ إلَخْ) التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ وَجْهٌ ضَعِيفٌ قَالَ الْقَمُولِيُّ فِي جَوَاهِرِهِ إذَا ادَّعَى رَبُّ النَّخِيلِ عَلَى الْعَامِلِ خِيَانَةً فِي الْجَرِيدِ، أَوْ السَّعَفِ أَوْ سَرِقَةً لَمْ تُسْمَعْ حَتَّى يُبَيِّنَ قَدْرَ مَا خَانَ بِهِ وَسَرَقَهُ فَإِذَا حَرَّرَ الدَّعْوَى بِهِ وَأَنْكَرَ الْعَامِلُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَغَيْرِهِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ أَرَادَ بِدَعْوَى السَّرِقَةِ التَّغْرِيمَ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَإِنْ أَرَادَ رَفْعَ يَدِهِ عَنْ الثَّمَرَةِ فَفِي سَمَاعِهَا مَجْهُولَةً وَجْهَانِ. اهـ. وَعِبَارَةُ مُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ لِابْنِ النَّقِيبِ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْخِيَانَةِ إلَّا مُفَصَّلَةً، وَفِي وَجْهٍ إنْ أَرَادَ بِهِ التَّغْرِيمَ لَمْ تُسْمَعْ إلَّا مُفَصَّلَةً، وَإِنْ أَرَادَ بِهَا رَفْعَ يَدِهِ عَنْ الثَّمَرَةِ سُمِعَتْ مَجْهُولَةً (قَوْلُهُ: فَتَعَيَّنَ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ) كَمَا إذَا تَعَدَّى الْمُرْتَهِنُ فِي الرَّهْنِ فَإِنَّهُ يُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ وَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ.

[فَصْلٌ اُسْتُحِقَّتْ الْأَشْجَارُ الْمُسَاقَى عَلَيْهَا]

(قَوْلُهُ: وَهُوَ أَحْسَنُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَصْلٌ اخْتَلَفَا الْعَاقِدَيْنِ فِي الْمُسَاقَاةِ فِي قَدْرِ الْمَشْرُوطِ لِلْعَامِلِ وَلَا بَيِّنَةَ]

(قَوْلُهُ: إنْ جَوَّزْنَا الْقِسْمَةَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمَطْلَبِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَجُوزُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الرُّويَانِيُّ) وَلَوْ شَرَطَهَا لِلْعَامِلِ بَطَلَ قَطْعًا (تَنْبِيهٌ)

مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهَا هُنَا وَهُوَ أَنَّ النَّخِيلَ يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ تَسْلِيمُهَا إلَى الْعَامِلِ عَيْنًا وَلَا يَجُوزُ إمْسَاكُهَا وَضَمَانُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلْعَامِلِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلْعَامِلِ حَقًّا فِي زِيَادَةِ الثَّمَرَةِ لِيَأْخُذَ نَصِيبَهُ مِنْهَا بِخِلَافِ الْأُجْرَةِ فَإِنَّهَا مُقَدَّرَةٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015