أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى مَنْ لَهُ دَارٌ لَا مَمَرَّ لَهَا نَصِيبَ أَحَدِ شَرِيكَيْنِ فِي مَمَرٍّ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْمُشْتَرِيَ تَحْصِيلُ مَمَرٍّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِكَوْنِ الْمَمَرِّ لَيْسَ مِنْ حُقُوقِ الدَّارِ قَبْلَ الْبَيْعِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا (وَلِصَحْنِ بُيُوتِ الْخَانِ وَمَجْرَى النَّهْرِ) وَبِئْرِ الْمَزْرَعَةِ (حُكْمُ الْمَمَرِّ) أَيْ الشَّرِكَةُ فِي صَحْنِ الْخَانِ دُونَ بُيُوتِهِ، وَفِي مَجْرَى الْمَاءِ دُونَ الْأَرْضِ، وَفِي بِئْرِ الْمَزْرَعَةِ دُونَ الْمَزْرَعَةِ كَالشَّرِكَةِ فِي الْمَمَرِّ فِيمَا مَرَّ.
(فَرْعٌ)
لَوْ (تَرَافَعَ) إلَيْنَا (ذِمِّيَّانِ بَعْدَ أَخْذِ الشُّفْعَةِ - وَالثَّمَنُ خَمْرٌ، أَوْ خِنْزِيرٌ - لَمْ نَنْقُضْهَا، أَوْ قَبْلَهُ لَمْ نُثْبِتْهَا) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُسَلَّمًا لَا نُثْبِتُهَا مُطْلَقًا كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَصْدَقَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً مُسَلَّمًا، ثُمَّ تَرَافَعَا إلَيْنَا.
(وَلَوْ ارْتَدَّ مُسْتَحِقُّ الشُّفْعَةِ لَمْ تَبْطُلْ) لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَا تُزِيلُ الْمِلْكَ (وَوُقِفَتْ) شُفْعَتُهُ (فَإِنْ) عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ أُخِذَ بِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ الْإِمَامِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَإِنْ (مَاتَ) قَبْلَ عَوْدِهِ إلَيْهِ (شَفَعَ الْإِمَامُ) أَيْ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ (وَيَرُدُّ بِعَيْبٍ) أَوْ نَحْوِهِ (إنْ كَانَ) فَلَوْ اشْتَرَى مُسْلِمٌ شِقْصًا مِنْ أَرْضٍ مَعِيبًا، أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ، ثُمَّ ارْتَدَّ وَمَاتَ قَبْلَ عَوْدِهِ إلَى الْإِسْلَامِ كَانَ لِلْإِمَامِ رَدُّهُ وَهَذَا جَعَلَهُ الْأَصْلُ نَظِيرًا لِمَا قَبْلَهُ فَقَالَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شِقْصًا إلَى آخِرِهِ (وَإِنْ ارْتَدَّ الْمُشْتَرِي فَالشَّفِيعُ عَلَى شُفْعَتِهِ) .
(فَرْعٌ) لَوْ كَانَ (لِلْمَسْجِدِ شِقْصٌ) مِنْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ (مَمْلُوكٌ لَهُ بِشِرَاءٍ، أَوْ هِبَةٍ لِيُصْرَفَ فِي عِمَارَتِهِ، ثُمَّ بَاعَ شَرِيكُهُ) نَصِيبَهُ (فَلِلْمُقِيمِ أَنْ يَشْفَعَ) أَيْ يَأْخُذَهُ بِالشُّفْعَةِ (إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً) كَمَا لَوْ كَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ شَرِيكٌ فِي أَرْضٍ فَبَاعَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ فَلِلْإِمَامِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً.
(وَلَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ شِقْصٍ) مِنْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ (مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ) إذَا بَاعَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ وَلَا لِشَرِيكِهِ إذَا بَاعَ شَرِيكٌ آخَرُ نَصِيبَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ لِامْتِنَاعِ قِسْمَةِ الْوَقْفِ عَنْ الْمِلْكِ وَلِانْتِفَاءِ مِلْكِ الْأَوَّلِ عَنْ الرَّقَبَةِ نَعَمْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ وَالنَّوَوِيُّ مِنْ جَوَازِ قِسْمَتِهِ عَنْهُ لَا مَانِعَ مِنْ أَخْذِ الثَّانِي.
(فَرْعٌ لِمَأْذُونٍ) لَهُ فِي التِّجَارَةِ (لَمْ يَمْنَعْهُ السَّيِّدُ) مِنْ أَخْذِ الشُّفْعَةِ وَلَمْ يُسْقِطْ حَقَّهُ مِنْهَا (أَخْذُ الشُّفْعَةِ) فِيمَا إذَا مَلَكَ شِقْصًا مِنْ أَرْضٍ، ثُمَّ بَاعَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ (وَكَذَا لِسَيِّدِهِ) أَخْذُ الشُّفْعَةِ فِي ذَلِكَ (وَلَهُ) أَيْ لِسَيِّدِهِ (مَنْعُهُ) مِنْ الْأَخْذِ عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَهُ الْإِسْقَاطُ (وَإِنْ أَحَاطَتْ بِهِ الدُّيُونُ وَ) كَانَ (فِيهِ) أَيْ الْأَخْذِ (غِبْطَةٌ) كَمَا لَهُ مَنْعُهُ مِنْ سَائِرِ الِاعْتِيَاضَاتِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.
(الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِلْكُهُ طَارِئًا)
عَلَى مِلْكِ الْآخِذِ (لَازِمًا بِعِوَضٍ فَلَا شُفْعَةَ) لِأَحَدِ مُشْتَرِيَيْنِ عَلَى الْآخَرِ (إنْ اشْتَرَيَا) عَقَارًا، أَوْ شِقْصًا مِنْهُ (مَعًا) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي وَقْتِ حُصُولِ الْمِلْكِ (وَلَا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ) فِي الْبَيْعِ (إلَّا إذَا شُرِطَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ فَيَأْخُذُهُ مِنْهُ) الشَّفِيعُ فِي الْحَالِ (لِأَنَّ الْمِلْكَ) فِيهِ (لَهُ) حِينَئِذٍ وَالشَّفِيعُ مُتَسَلِّطٌ عَلَيْهِ بَعْدَ اللُّزُومِ فَقَبْلَهُ أَوْلَى بِخِلَافِهِ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الصَّادِقِ بِكَوْنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَلِلْبَائِعِ فَقَطْ فَلَا يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يَنْقَطِعَ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْبَائِعِ وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ " شُرِطَ " بَ كَانَ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ خِيَارَ الْمَجْلِسِ أَيْضًا وَيُتَصَوَّرَ انْفِرَادُ أَحَدِهِمَا بِهِ بِإِسْقَاطِ الْآخَرِ خِيَارَ نَفْسِهِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ لَازِمًا لِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِي مُدَّةِ خِيَارِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQبَاعَ دَارًا لَهَا مَمَرَّاتٌ فِي دَرْبَيْنِ غَيْرِ نَافِذَيْنِ وَلَمْ يُمْكِنْ إحْدَاثُ ثَالِثٍ فَلَا يُمْكِنُ الشُّفْعَةُ فِيهِمَا وَتَرْكُ الدَّارِ بِغَيْرِ مَمَرٍّ وَهَلْ يُقْرَعُ، أَوْ يُقَدَّمُ السَّابِقُ إلَى الطَّلَبِ، أَوْ لَا شُفْعَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا؟
فِيهِ نَظَرٌ، قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ اُعْتُرِضَ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا هُنَا مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ الْمَمَرِّ وَحْدَهُ مُنَزَّلٌ عَلَى صُوَرٍ: إحْدَاهَا صُورَةُ الْمُهِمَّاتِ. الثَّانِيَةُ مُصَوَّرَةٌ فِي رَجُلَيْنِ دَارَاهُمَا مُتَقَابِلَتَانِ، وَبَابُ إحْدَى الدَّارَيْنِ أَقْرَبُ إلَى رَأْسِ الدَّرْبِ وَبَابُ الْآخَرِ أَبْعَدُ فَأَرَادَ صَاحِبُ الْأَبْعَدِ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا أَقْرَبَ إلَى رَأْسِ الدَّرْبِ وَيَبِيعَ حَقَّهُ مِنْ الْمَمَرِّ إلَى بَابِ دَارِهِ الْأَسْفَلِ لِلَّذِي بَابُهُ أَقْرَبُ عَلَى أَنْ يَفْتَحَ الْمُشْتَرِي بَابًا يُوَازِي بَابَ الْبَائِعِ الْقَدِيمَ وَيَتْرُكَ لِلْمُشْتَرِي الْمَمَرَّ إلَيْهِ وَلَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ إلَى تَكَلُّفِ تَصْوِيرِهِ بِأَنْ تَكُونَ الدَّارُ مُتَّصِلَةً إلَى شَارِعٍ فَإِذَا بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْمَمَرِّ فَلِلشُّرَكَاءِ الْأَخْذُ. الثَّالِثَةُ لَوْ كَانَ لِوَاحِدٍ ظَهْرُ دَارٍ إلَى دَرْبٍ مُنْسَدٍّ فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَهُ الْحَقَّ الْمَذْكُورَ مِنْ الدَّرْبِ لِيَفْتَحَ الْبَابَ إلَيْهِ. الرَّابِعَةُ إذَا كَانَ لَهُ دَارَانِ مُتَجَاوِرَتَانِ فِي الدَّرْبِ فَبَاعَ حَقَّ مَمَرِّهِ مِنْ الْعُلْيَا الَّتِي أَسْفَلُ مِنْهَا وَأَرَادَ فَتْحَ بَابٍ بَيْنَ الدَّارَيْنِ مِنْ دَاخِلٍ وَسَدَّ بَابِ السُّفْلَى فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ. الْخَامِسَةُ إذَا كَانَتْ بُقْعَةُ دَارِهِ مُسْتَأْجَرَةً، وَصُورَتُهُ أَنْ تَكُونَ أَرْضُ الدَّارِ كُلُّهَا مُحْتَكَرَةً، ثُمَّ يَشْتَرِيَ أَهْلُ الدَّرْبِ أَرَاضِيَ دُورِهِمْ وَيَشْتَرِيَ هُوَ مَعَهُمْ الْمَمَرَّ وَلَا يَشْتَرِيَ عَرْصَةَ دَارِهِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَنْقَضِي مُدَّةُ إجَارَةِ عَرْصَةِ الدَّارِ وَيَخْتَارُ نَقْلَ آلَاتِهِ فَهَذَا قَدْ تَصَوَّرَ مِلْكَ الْمَمَرِّ خَاصَّةً فَإِذَا بَاعَهُ أَخَذَهُ الشُّرَكَاءُ.
الثَّانِي: قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ بَيْتًا لَا بُدَّ أَنْ يُزَادَ فِيهِ بِلَا حَرِيمٍ؛ لِأَنَّهُ كَبَيْعِ ذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ يَنْقُصُ بِالْقَطْعِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي بِئْرِ الْمَزْرَعَةِ دُونَ الْمَزْرَعَةِ كَالشَّرِكَةِ فِي الْمَمَرِّ) قَالَ السُّبْكِيُّ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَتْ الْبِئْرُ مُنْفَصِلَةً عَنْ الْمَزْرَعَةِ فَلَوْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِهَا وَالْأَرْضُ وَاحِدَةً - بَعْضُهَا مَزْرَعَةٌ وَبَعْضُهَا فِيهِ بِئْرٌ - فَالشُّفْعَةُ تَثْبُتُ فِي جَمِيعِ الْأَرْضِ أَصَالَةً وَفِي مَاءِ الْبِئْرِ تَبَعًا، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَنْقَسِمُ؛ لِأَنَّهَا فِي مَحَلِّ الشُّفْعَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَتْ الْمَزْرَعَةُ تَنْقَسِمُ وَيَجِيءُ مِنْهَا مَزْرَعَتَانِ، وَقَوْلُهُ: " قَالَ السُّبْكِيُّ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَتْ إلَخْ " أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُسَلَّمًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ شِقْصٍ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا تُسْتَحَقُّ بِهِ الشُّفْعَةُ.
(قَوْلُهُ: لِامْتِنَاعِ قِسْمَةِ الْوَقْفِ عَنْ الْمِلْكِ) إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْعًا (قَوْلُهُ: نَعَمْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ وَالنَّوَوِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ جَوَازِ قِسْمَتِهِ عَنْهُ أَيْ إذَا كَانَتْ إفْرَازًا
(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِلْكُهُ طَارِئًا عَلَى مِلْكِ الْآخِذِ) فَلِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي.
(قَوْلُهُ: لِاسْتِوَائِهِمَا فِي وَقْتِ حُصُولِ الْمِلْكِ) لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ لِأَحَدِهِمَا بِغَيْرِ شَرْطِ الْخِيَارِ وَلِلْآخَرِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَلَا بَيْنَ أَنْ يَسْبِقَ اللُّزُومُ لِأَحَدِهِمَا أَوَّلًا؛ لِأَنَّ سَبَبَ الشُّفْعَةِ هُوَ الْبَيْعُ وَهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِيهِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ اشْتَرَيَاهُ فِي صَفْقَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فِي الْمَبِيعِ) شَمِلَ مَا إذَا شَرَطَاهُ لِأَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا، أَوْ عَنْهُمَا وَشَمِلَ الْخِيَارُ خِيَارَ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ