الْمَشْرُوعِ (إنْ دُوفِعَ) عَنْ كَسْرِهِ؛ لِأَنَّ دَافِعَهُ مُقَصِّرٌ وَلَوْ أَتْلَفَ جِلْدًا غَيْرَ مَدْبُوغٍ فَادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهُ مُذَكًّى وَالْغَاصِبُ أَنَّهُ مَيْتَةٌ صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَاقَ مَاءَ عِنَبٍ وَاخْتَلَفَا فِي تَخَمُّرِهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ الْمَالِكُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَالِيَّتِهِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالثَّانِيَةِ مَا لَوْ قَالَ الْكَاسِرُ هُنَا لَمْ يُمْكِنْ الْكَسْرُ إلَّا بِالرَّضِّ أَوْ الْإِحْرَاقِ، وَخَالَفَهُ الْمَالِكُ فَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ قُلْت وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُهُ بِالْأُولَى؛ لِأَنَّ لَهُ الْإِقْدَامَ عَلَى إزَالَةِ الْمُنْكَرِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ الْإِمَامُ لَوْ أَبْرَزَ خَمْرًا وَزَعَمَ أَنَّهَا خَمْرُ خَلٍّ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ طَوَائِفُ وَلَوْ اطَّلَعْنَا عَلَى خَمْرٍ، وَمَعَهَا مُخَايِلُ تَشْهَدُ بِأَنَّهَا خَمْرُ خَلٍّ فَالْمَذْهَبُ أَنَّا لَا نَتَعَرَّضُ لَهَا.
(وَلِلصَّبِيِّ) الْمُمَيِّزِ (وَغَيْرِ الْكَامِلِ) مِنْ امْرَأَةٍ، وَمَنْ فِيهِ رِقٌّ أَوْ فِسْقٌ، وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلُ هَذَا وَغَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَكِلَا اللَّفْظَيْنِ يُغْنِي عَمَّا قَبْلَهُ (كَسْرُهَا، وَيُثَابُ الصَّبِيُّ) ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ عَلَى كَسْرِهَا (كَالْبَالِغِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا مِنْ إزَالَةِ سَائِرِ الْمُنْكَرَاتِ كَمَا لَيْسَ لَهُ مَنْعُ الْبَالِغِ فَإِنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبِ.
(الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي قَدْرِ) الْبَدَلِ (الْوَاجِبِ فَالْمِثْلِيُّ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ) لِآيَةِ {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] ؛ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّالِفِ؛ وَلِأَنَّ الْمِثْلَ كَالنَّصِّ؛ لِأَنَّهُ مَحْسُوسٌ وَالْقِيمَةُ كَالِاجْتِهَادِ وَلَا يُصَارُ لِلِاجْتِهَادِ إلَّا عِنْدَ فَقْدِ النَّصِّ (وَالْمِثْلِيُّ مَا حَصَرَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ، وَجَازَ السَّلَمُ فِيهِ) فَخَرَجَ بِقَيْدِ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ مَا يُعَدُّ كَالْحَيَوَانِ أَوْ يُذَرَّعُ كَالثِّيَابِ وَبِجَوَازِ السَّلَمِ فِيهِ الْغَالِيَةُ وَالْمَعْجُونُ وَنَحْوُهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ ثُبُوتِ ذَلِكَ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدِ السَّلَمِ مَانِعٌ مِنْ ثُبُوتِهِ بِالتَّلَفِ وَالْإِتْلَافِ، وَشَمِلَ التَّعْرِيفُ الرَّدِيءَ نَوْعًا أَمَّا الرَّدِيءُ عَيْبًا فَلَيْسَ بِمِثْلِيٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ، وَأَوْرَدَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَيْهِ الْقَمْحَ الْمُخْتَلِطَ بِالشَّعِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ مَعَ أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْمِثْلُ فَيَخْرُجُ الْقَدْرُ الْمُحَقَّقُ مِنْهُمَا، وَيُجَابُ بِأَنَّ إيجَابَ رَدِّ مِثْلِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُ مِثْلِيًّا كَمَا فِي إيجَابِ رَدِّ مِثْلِ الْمُتَقَوِّمِ فِي الْقَرْضِ (فَالتُّرَابُ وَالنُّحَاسُ وَالْحَدِيدُ وَالتِّبْرُ وَالْمِسْكُ وَالْعَنْبَرُ وَالْكَافُورُ وَالثَّلْجُ وَالْجَمْدُ وَالْقُطْنُ) وَلَوْ بِحَبِّهِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ (وَالْعِنَبُ وَالرُّطَبُ وَالْفَوَاكِهُ الرَّطْبَةُ وَالدَّقِيقُ وَاللَّحْمُ الطَّرِيُّ) وَنَحْوُهَا كَالنُّخَالَةِ كَمَا فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ (كُلُّهَا مِثْلِيَّةٌ) لِصِدْقِ التَّعْرِيفِ عَلَيْهَا، وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّ الرُّطَبَ وَالْعِنَبَ مِثْلِيَّانِ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ فِي زَكَاةِ الْمُعَشَّرَاتِ (لَا الْخُبْزُ) وَكُلُّ مَا دَخَلَتْهُ النَّارُ لِطَبْخٍ أَوْ قَلْيٍ أَوْ شَيٍّ فَلَيْسَ مِثْلِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ (ثُمَّ الْمَاءُ وَالْحُبُوبُ) الْجَافَّةُ (وَالْخُلُولُ) الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ (وَالْأَدْهَانُ) وَالْأَلْبَانُ (وَالسَّمْنُ وَالْمَخِيضُ وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ) الْخَالِصَةُ وَنَحْوُهَا (مِثْلِيَّةٌ، وَكَذَا) الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ (الْمَغْشُوشَةُ وَالْمُكَسَّرَةُ وَالسَّبِيكَةُ) وَلَوْ عَطَفَ الْمَاءَ وَالْمَذْكُورَاتِ بَعْدَهُ بِالْوَاوِ، وَقَدَّمَهَا عَلَى قَوْلِهِ كُلُّهَا مِثْلِيَّةٌ كَانَ أَوْلَى، وَأَخْصَرَ وَالْمُرَادُ بِالْمَاءِ الْمَاءُ الْبَارِدُ إذْ الْحَارُّ مُتَقَوِّمٌ لِدُخُولِ النَّارِ فِيهِ قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ، وَهَذَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُطْرَقُ غَيْرُهُ مِنْ الْمَائِعَاتِ إذَا حَمِيَتْ بِالنَّارِ.
(فَصْلٌ) لَوْ (غَصَبَ مِثْلِيًّا فَتَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ بِلَا غَصْبٍ وَالْمِثْلُ مَوْجُودٌ فَلَمْ يَغْرَمُ حَتَّى عَدَمَ الْمِثْلَ) حِسًّا أَوْ شَرْعًا بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ أَوْ، وَجَدَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ أَوْ مَنَعَهُ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ مَانِعٌ (فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) مِنْ بَلَدِ الْغَصْبِ أَوْ الْإِتْلَافِ (لَزِمَهُ أَقْصَى الْقِيَمِ) لِلْمَغْصُوبِ أَوْ الْمُتْلَفِ، وَقِيلَ لِلْمِثْلِ، وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ (مِنْ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQإنْ دُوفِعَ عَنْ كَسْرِهِ) كَمَا لَا يَضْمَنُ بِالْإِحْرَاقِ إنْ تَعَيَّنَ لِلْإِتْلَافِ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ إلَخْ) قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ، وَمِنْ شَرْطِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ أَنْ يَكُونَ الْمُنْكِرُ مُسْلِمًا.
(قَوْلُهُ: فَالْمِثْلِيُّ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ، وَإِنْ زَادَتْ الْقِيمَةُ) وَلَيْسَ لَهُ إلَّا ذَلِكَ، وَإِنْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَكَانِ إذَا قُلْنَا لَا يُطَالَبُ بِالْمِثْلِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَكَانِ إنَّ الْعَوْدَ إلَى الْمَكَانِ الْأَوَّلِ مُمْكِنٌ فَجَازَ انْتِظَارُهُ وَرَدُّ الزَّمَانِ الْأَوَّلِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَقَنَعْنَا بِصُورَةِ الْمِثْلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَثَلًا حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ التَّسَاوِيَ فِي الْقِيمَةِ مُعْتَبَرٌ فِي الْمِثْلَيْنِ وَلِلزَّمَانِ أَثَرٌ ظَاهِرٌ فِي تَفَاوُتِهَا (فَرْعٌ) لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى الْقِيمَةِ مَعَ إمْكَانِ الْمِثْلِ فَوَجْهَانِ رَجَّحَ السُّبْكِيُّ الْجَوَازَ وَقَطَعَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ (قَوْلُهُ: وَأَوْرَدَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِلَفْظِ قِيلَ ثُمَّ قَالَ، وَهَذَا عَجِيبٌ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْمِثْلُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَدْ يُمْنَعُ رَدُّ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالِاخْتِلَاطِ انْتَقَلَ مِنْ الْمِثْلِيِّ إلَى الْمُتَقَوِّمِ لِلْجَهْلِ بِالْقَدْرِ. اهـ. وَاعْتَمَدَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي فَتَاوِيهِ كَوْنَهُ مُتَقَوِّمًا، وَمِثْلُهُ الْأَرُزُّ الْمُخْتَلِطُ بِالدِّنِيبَةِ أَوْ الْقِيشَةِ الْكَبِيرَةِ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِأَنَّ إيجَابَ إلَخْ) وَبِأَنَّ امْتِنَاعَ السَّلَمِ فِي جُمْلَتِهِ لَا يُوجِبُ امْتِنَاعَهُ فِي جُزْأَيْهِ الْبَاقِيَيْنِ بِحَالِهِمَا وَرَدُّ الْمِثْلِ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إلَيْهِمَا وَالسَّلَمُ فِيهِمَا جَائِزٌ (قَوْلُهُ: وَالْقُطْنُ وَلَوْ بِحَبِّهِ) كَنَوَى التَّمْرِ مَعَهُ (قَوْلُهُ: الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ) وَكَذَا الَّتِي فِيهَا مَاءٌ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُ السَّلَمِ فِي خَلِّ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ ضَرُورَتِهِمَا كَذَا قِيلَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مُتَقَوِّمَةٌ، قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ كَمَا رَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي خَادِمِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْمَاءِ الْمَاءُ الْبَارِدُ) عَذْبًا أَوْ مَالِحًا (قَوْلُهُ: قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ إلَخْ) وَعَلَى هَذَا فَهُوَ خَارِجٌ بِقَوْلِهِمْ وَجَازَ السَّلَمُ فِيهِ لَكِنْ فِي الْكِفَايَةِ فِي بَابِ الرِّبَا عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْمَاءِ الْمُسَخَّنِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ فس فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْحَارَّ مِثْلِيٌّ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْحُسَيْنِ لَوْ غَصَبَ مَاءً حَارًّا فَبَرَدَ فِي يَدِهِ رَدَّهُ، وَأَرْشَ النُّقْصَانِ.
(فَصْلٌ: غَصَبَ مِثْلِيًّا فَتَلِفَ) (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لِلْمِثْلِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ) وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَيُؤَيِّدُهُ تَصْحِيحُهُمْ أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ الْغَصْبِ إلَى الْإِعْوَازِ وَقَاسَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ عَلَى مَا لَوْ أَتْلَفَ صَيْدًا لَهُ مِثْلٌ، وَعُدِمَ تَجِبُ قِيمَةُ الْمِثْلِ ثُمَّ يَصْرِفُهَا لِلطَّعَامِ وَفِي اعْتِبَارِ قِيمَةِ الْأَصْلِ إشْكَالٌ فَإِنَّ الذِّمَّةَ بَرِئَتْ مِنْهُ بِالِانْتِقَالِ إلَى الْمِثْلِ وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْأَوَّلِ الْأَقْصَى إلَى انْقِطَاعِ الْمِثْلِ، وَعَلَى الثَّانِي الْأَقْصَى مِنْ يَوْمِ الْغَصْبِ إلَى يَوْمِ التَّلَفِ وَلِذَلِكَ نَظَائِرُ ر.