(فَصْلٌ الرِّبْحُ) وَالْخُسْرَانُ (فِيهَا عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ) بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ لَا الْأَجْزَاءِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ شُرِطَ ذَلِكَ أَمْ لَا (لَا) عَلَى قَدْرِ (الْعَمَلِ) وَإِنْ تَفَاوَتَا فِيهِ؛ لِأَنَّا لَوْ جَعَلْنَا شَيْئًا مِنْهُمَا فِي مُقَابَلَتِهِ لَخَالَفْنَا وَضْعَ الشِّرْكَةِ (فَشَرْطُ التَّفَاضُلِ) فِيهِمَا مَعَ التَّسَاوِي فِي الْمَالَيْنِ أَوْ بِالْعَكْسِ (يُبْطِلُهَا) ، وَالتَّصَرُّفُ صَحِيحٌ لِلْإِذْنِ وَيُقَسَّمُ الرِّبْحُ عَلَى قَدْر الْمَالَيْنِ (وَلَوْ شُرِطَ زِيَادَةٌ) فِي الرِّبْحِ (لِلْأَكْثَرِ) مِنْهُمَا (عَمَلًا) مُبْهَمًا كَانَ نَحْوَ: عَلَى أَنَّ لِلْأَكْثَرِ مِنَّا عَمَلًا كَذَا أَوْ مُعَيَّنًا نَحْوَ عَلَى أَنَّ لَكَ كَذَا إنْ كُنْت أَكْثَرَ عَمَلًا مِنِّي (بَطَلَ الشَّرْطُ) كَمَا لَوْ شُرِطَ التَّفَاوُتُ فِي الْخُسْرَانِ فَإِنَّهُ يَلْغُو، وَيُوَزَّعُ الْخُسْرَانُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ، وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ قِرَاضًا فَإِنَّ الْعَمَلَ يَقَعُ ثَمَّ مُخْتَصًّا بِمَالِ الْمَالِكِ، وَهُنَا بِمَالَيْهِمَا وَلِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الشِّرْكَةِ لَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ وَبِذَلِكَ فَارَقَ صِحَّةَ الْمُسَاقَاةِ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِزِيَادَةٍ فِي الثَّمَرَةِ (وَوَجَبَ لِكُلٍّ) مِنْهُمَا (أُجْرَةُ عَمَلِهِ) عَلَى صَاحِبِهِ كَمَا فِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ (وَكَذَا) يَجِبُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ذَلِكَ (عِنْدَ فَسَادِ الشِّرْكَةِ) بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ (لِبَقَاءِ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ. فَإِنْ تَسَاوَيَا فِي أُجْرَةِ الْعَمَلِ وَقَعَ التَّقَاصُّ)
فِي الْجَمِيعِ إنْ تَسَاوَيَا فِي الْمَالِ أَيْضًا، وَفِي بَعْضِهِ إنْ تَفَاوَتَا فِيهِ كَأَنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَلْفَانِ، وَلِلْآخَرِ أَلْفٌ، وَأُجْرَةُ عَمَلِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِائَةٌ فَثُلُثَا عَمَلِ الْأَوَّلِ فِي مَالِهِ، وَثُلُثُهُ عَلَى الثَّانِي، وَعَمَلُ الثَّانِي بِالْعَكْسِ فَيَكُونُ لِلْأَوَّلِ عَلَيْهِ ثُلُثُ الْمِائَةِ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ ثُلُثَاهُ فَيَقَعُ التَّقَاصُّ بِثُلُثَيْهَا، وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ بِثُلُثِهَا (وَلَوْ اسْتَوَيَا مَالًا لَا عَمَلًا) كَأَنْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَلْفٌ وَسَاوَى عَمَلُ أَحَدِهِمَا مِائَتَيْنِ وَالْآخَرِ مِائَةً (وَشُرِطَ زِيَادَةٌ لِمَنْ عَمِلَ) مِنْهُمَا (أَكْثَرَ قَاصَصَ) صَاحِبَهُ بِرُبُعِ أُجْرَةِ عَمَلِهِ (وَرَجَعَ) عَلَيْهِ (بِمَا زَادَ) وَهُوَ رُبُعُهَا؛ لِأَنَّ نِصْفَ عَمَلِهِ مِائَةٌ، وَنِصْفُ عَمَلِ صَاحِبِهِ خَمْسُونَ فَيَبْقَى لَهُ بَعْدَ التَّقَاصِّ خَمْسُونَ، وَإِنْ شُرِطَتْ الزِّيَادَةُ لِمَنْ عَمِلَ أَقَلَّ فَلَا رُجُوعَ لِلْآخَرِ بِشَيْءٍ لِتَبَرُّعِهِ بِمَا زَادَ مِنْ عَمَلِهِ، وَكَذَا لَوْ اخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِأَصْلِ التَّصَرُّفِ لَا يَرْجِعُ بِنِصْفِ أُجْرَةِ عَمَلِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مَفْهُومِ كَلَامِهِ الْمَذْكُورِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَالْوَجْهُ فِي قَوْلِهِ التَّقَاصُصِ وَقَاصَصَ الْإِدْغَامُ (فَإِنْ شُرِطَتْ) أَيْ الزِّيَادَةُ (لِوَاحِدٍ) مِنْهُمَا (إنْ زَادَ عَمَلُ الْآخَرِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا) يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأَوَّلِ (وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْمَالِ) لِتَبَرُّعِهِ بِمَا زَادَ مِنْ عَمَلِهِ فَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَلْفَانِ، وَقِيمَةُ عَمَلِهِ مِائَتَانِ، وَلِلْآخَرِ أَلْفٌ، وَقِيمَةُ عَمَلِهِ مِائَةٌ فَلِصَاحِبِ الْأَكْثَرِ ثُلُثُ الْمِائَتَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، وَلِلْآخَرِ ثُلُثُ الْمِائَةِ عَلَيْهِ وَقَدْرُهُمَا مُتَّفِقٌ فَيَتَقَلَّصَانِ.
وَإِنْ كَانَ قِيمَةُ عَمَلِ صَاحِبِ الْأَقَلِّ مِائَتَيْنِ وَالْآخَرِ مِائَةً فَلِصَاحِبِ الْأَقَلِّ ثُلُثُ الْمِائَتَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَلِلْآخَرِ ثُلُثُ الْمِائَةِ عَلَيْهِ فَيَبْقَى لَهُ بَعْدَ التَّقَاصُّ مِائَةٌ وَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْمَالِ، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ شُرِطَتْ إلَخْ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَقْطُوعٌ عَنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ اسْتَوَيَا مَالًا لِيَصْلُحَ جَعْلُ قَوْلِهِ: وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْمَالِ غَايَةً لَهُ وَكَلَامُ الْأَصْلِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ فَرَضَ الْمَشْرُوطُ لَهُ الزِّيَادَةُ مُعَيَّنًا، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ صَالِحٌ لَهُ وَلِلْمُبْهَمِ، كَمَا تَقَرَّرَ إلَّا الْمَزِيدَةَ فَإِنَّهُ فَرَضَهَا فِي مُعَيَّنٍ
(فَصْلٌ يَدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدُ أَمَانَةٍ كَالْمُودِعِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَالْخِيَانَةِ وَغَيْرِهِمَا) مِمَّا يَأْتِي فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ وَمِنْهُ لَوْ ادَّعَى التَّلَفَ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ كَحَرِيقٍ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ بِالسَّبَبِ ثُمَّ يُصَدَّقُ فِي التَّلَفِ بِهِ بِيَمِينِهِ (وَيُصَدَّقُ) كُلٌّ مِنْهُمَا (بِيَمِينِهِ فِي تَخْصِيصِهِ) وَعَدَمِ تَخْصِيصِهِ (بِمَا فِي يَدِهِ) عَمَلًا بِهَا (وَ) فِي أَنَّ (مَا اشْتَرَاهُ لِلشِّرْكَةِ أَوْ لِنَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِقَصْدِهِ وَهَذِهِ يُغْنِي عَنْهَا مَا قَبْلَهَا (لَا إنْ ادَّعَى مِلْكَهُ بِالْقِسْمَةِ) مَعَ قَوْلِ الْآخَرِ هُوَ بَاقٍ عَلَى شَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقِسْمَةِ (وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ) مِنْهُمَا (مِلْكَ الْعَبْدِ) مَثَلًا (بِالْقِسْمَةِ) وَهُوَ فِي يَدِهِمَا
فَصْلٌ) (قَوْلُهُ الرِّبْحُ فِيهَا عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ ثَمَرَتُهَا فَكَانَ عَلَى قَدْرِهِمَا كَمَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ، فَأَثْمَرَتْ أَوْ شَاةٌ فَنَتَجَتْ (قَوْلُهُ: لَخَالَفْنَا وَضْعَ الشِّرْكَةِ) أَيْ وَاخْتَلَطَ عَقْدُ الشِّرْكَةِ بِالْقِرَاضِ (فَرْعٌ) إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مَالٌ مُشْتَرَكٌ عَلَى التَّفَاوُتِ بِإِقْرَارِهِمَا فَادَّعَى صَاحِبُ الْقَلِيلِ أَنَّ لَهُ زَائِدًا عَلَى رَأْسِ مَالِ حِصَّتِهِ بِسَبَبِ رِبْحٍ حَدَثَ وَقَالَ صَاحِبُ الْكَثِيرِ لَمْ يَحْدُثْ رِبْحٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ قَاصَصَ وَرَجَعَ بِمَا زَادَ) ؛ لِأَنَّ الشِّرْكَةَ عَقْدٌ يَقْصِدُ بِهِ الرِّبْحَ فَاسْتَحَقَّ الْعِوَضَ فِيهِ عَنْ الْعَمَلِ عِنْدَ فَسَادِهِ كَالْقِرَاضِ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْمَالِ) هَذَا الْمِثَالُ لَا رُجُوعَ فِيهِ لِمَنْ زَادَ عَمَلُهُ لِتَبَرُّعِهِ بِمَا زَادَ مِنْهُ؛ إذْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الزِّيَادَةَ شُرِطَتْ لِصَاحِبِهِ إنْ زَادَ عَمَلُهُ فَلَيْسَتْ مُسْتَثْنَاةً مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
(قَوْلُهُ: كَالْمُودِعِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ) الْمُرَادُ قَبُولُ قَوْلِهِ فِي رَدِّ نَصِيبِ الشَّرِيكِ بَعْدَ تَمْيِيزِهِ بِالْقِسْمَةِ أَمَّا لَوْ ادَّعَى رَدَّ الْكُلِّ، وَأَرَادَ طَلَبَ نَصِيبِهِ فَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي طَلَبِهِ، قَالَ شَيْخُنَا: أَفَادَهُ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ (قَوْلُهُ ثُمَّ يُصَدَّقُ فِي التَّلَفِ بِهِ بِيَمِينِهِ) إذَا حَلَفَ أَنَّهُ تَلِفَ فَأَقَامَ شَرِيكُهُ بَيِّنَةً أَنَّهَا رَأَتْهُ فِي يَوْمٍ بَعْدَهُ فَهَلْ تَبْطُلُ يَمِينُهُ وَيَغْرَمُ أَوْ لَا بَلْ يَسْأَلُ فَإِنْ ذَكَرَ مَا تَسْلَمُ مَعَهُ يَمِينُهُ كَمَا إذَا قَالَ عَادَ إلَيَّ بَعْدَ التَّلَفِ ثُمَّ عَدِمْتُهُ لَمْ يَغْرَمْ، وَإِلَّا غَرِمَ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ تَخْصِيصِهِ) بِأَنْ قَالَ ذُو الْيَدِ: هُوَ مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ، وَقَالَ الْآخَرُ: هُوَ مُخْتَصٌّ بِي (قَوْلُهُ: وَفِي أَنَّ مَا اشْتَرَاهُ لِلشِّرْكَةِ أَوْ لِنَفْسِهِ) سَوَاءٌ ادَّعَى أَنَّهُ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَوْ نَوَاهُ (فَرْعٌ) لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَظَهَرَ كَوْنُهُ مَعِيبًا وَأَرَادَ رَدَّ حِصَّتِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ عَلَى الْبَائِعِ أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَاهُ لِلشِّرْكَةِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَالْعِمْرَانِيُّ (تَنْبِيهٌ) ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا، وَأَقَامَ بَيِّنَةً، فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ بِأَنَّ ذَلِكَ الْأَلْفَ مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ لَمْ يَكُنْ دَافِعًا لِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ إلَّا أَنَّهُ صَارَ مُتَعَدِّيًا فِيهِ فَيَضْمَنُهُ قَالَهُ الْقَفَّالُ وَلَوْ قَالَ: أَنَا وَفُلَانٌ شَرِيكَانِ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، فَلَوْ قَالَ: لِلْمُقَرِّ لَهُ الرُّبْعُ مَثَلًا فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَسْمَعُ، وَيَحْلِفُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَا يَقُولُهُ مُحْتَمَلٌ وَالثَّانِي: لَا، وَجَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْخُلْعِ بِالْأَوَّلِ فَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ زَيْدًا وَعَمْرًا شَرِيكَانِ فِي هَذَا الْمَالِ اُسْتُفْسِرَتْ الْبَيِّنَةُ عَنْ مِقْدَارِ النَّصِيبَيْنِ فَإِنْ لَمْ تُبَيِّنْ، وَالْمَالُ فِي يَدِهِمَا جُعِلَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ كَانَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَالْمُتَّجَهُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ بِنَاءً عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ