بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي؛ إذْ لَا يُمْكِنُ الْخَلْطُ فِيهَا فَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهَا مَعْنَى الشِّرْكَةِ (وَيُشْتَرَطُ خَلْطُ الْمَالَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزَانِ) لِيَتَحَقَّقَ مَعْنَى الشِّرْكَةِ (لَا كَدَرَاهِمَ سُودٍ) خُلِطَتْ (بِبِيضٍ وَحِنْطَةٍ حَمْرَاءَ) خُلِطَتْ (بِبَيْضَاءَ) لِإِمْكَانِ التَّمْيِيزِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ عُسْرٌ (فَإِنْ لَمْ يُخْلَطَا) كَذَلِكَ (وَتَلِفَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا تَلِفَ عَلَيْهِ فَقَطْ وَتَعَذَّرَتْ الشِّرْكَةُ فِي الْبَاقِي وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ يَتَقَدَّمَ الْخَلْطُ عَلَى الْعَقْدِ) فَإِنْ وَقَعَ بَعْدَهُ وَلَوْ فِي مَجْلِسِهِ لَمْ يَصِحَّ إذْ لَا اشْتَرَاكَ حَالَ الْعَقْدِ.
(وَالْوَرَثَةُ شُرَكَاءُ فِي الْعُرُوضِ وَغَيْرِهَا) مِمَّا وَرِثُوهُ وَكَذَا لَوْ تَمَلَّكَهَا جَمَاعَةٌ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهُمْ فِيهَا شُرَكَاءُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ مِنْ الْخَلْطِ؛ إذْ مَا مِنْ جُزْءٍ فِيهِ إلَّا وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ بِخِلَافِهِ فِي الْخَلْطِ فَإِذَا انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ الْإِذْنُ فِي التَّصَرُّفِ ثُمَّ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ: وَغَيْرُهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَمَنْ أَرَادَ الشِّرْكَةَ) مَعَ غَيْرِهِ (فِي الْعُرُوضِ) الْمُتَقَوِّمَةِ (بَاعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ عَرَضِهِ بِنِصْفِ عَرَضِ صَاحِبِهِ وَتَقَابَضَا) أَوْ بَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَعْضَ عَرَضِهِ لِصَاحِبِهِ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ وَتَقَاصَّا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (وَأَذِنَ) بَعْدَ ذَلِكَ (كُلٌّ) مِنْهُمَا (لِلْآخَرِ فِي التَّصَرُّفِ) سَوَاءٌ أَتَجَانَسَ الْعَرَضَانِ أَمْ اخْتَلَفَا وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ التَّقَابُضُ لِيَسْتَقِرَّ الْمِلْكُ وَعَلَيْهِ فَيُعْتَبَرُ أَيْضًا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ النِّصْفِ بِالْبَعْضِ كَانَ أَوْلَى (وَلَوْ خَلَطَ) مَالَيْهِمَا حَالَةَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا (مَجْهُولًا) لَكِنَّ (مَعْرِفَتَهُ مُمْكِنَةٌ) بِمُرَاجَعَةِ حِسَابٍ أَوْ وَكِيلٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَأَذِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ (صَحَّ) الْعَقْدُ (وَلَوْ تَصَرَّفَا قَبْلَ الْمَعْرِفَةِ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا مَعَ إمْكَانِ مَعْرِفَتِهِ بَعْدُ بِخِلَافِ مَا لَا تُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ وَلَوْ اشْتَبَهَ ثَوْبَاهُمَا لَمْ يَكْفِ لِلشِّرْكَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ (خَلَطَا قَفِيزًا) مُقَوَّمًا (بِمِائَةٍ بِقَفِيزٍ) مُقَوَّمٍ (بِخَمْسِينَ فَالشِّرْكَةُ أَثْلَاثٌ) بِنَاءً عَلَى قَطْعِ النَّظَرِ فِي الْمِثْلِيِّ عَنْ تَسَاوِي الْأَجْزَاءِ فِي الْقِيمَةِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ هَذَا الْقَفِيزُ مِثْلًا لِذَلِكَ الْقَفِيزِ، وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا فِي نَفْسِهِ (وَإِنْ كَانَ لِهَذَا دَنَانِيرُ) كَعَشَرَةٍ (وَهَذَا دَرَاهِمُ) كَمِائَةٍ (فَاشْتَرَيَا بِهِمَا شَيْئًا) كَعَبْدٍ (قُوِّمَ غَيْرُ نَقْدِ الْبَلَدِ) مِنْهُمَا (بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَعُرِفَ التَّسَاوِي وَالتَّفَاضُلُ) .
فَإِنْ اسْتَوَيَا بِنِسْبَةِ قِيمَةِ الْمُتَقَوِّمِ كَأَنْ كَانَتْ الدَّنَانِيرُ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَقِيمَتُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ فَالشِّرْكَةُ مُنَاصَفَةٌ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مِائَتَيْنِ فَبِالْأَثْلَاثِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْقَوْلَانِ فِيمَا لَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ اثْنَيْنِ عَبْدٌ فَبَاعَاهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ كَالْمَبِيعِ وَقَدْ صَحَّحُوا بُطْلَانَهُ؛ لِأَنَّ حِصَّةَ كُلٍّ مِنْ الثَّمَنِ مَجْهُولَةٌ عِنْدَ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَتْ تُعْلَمُ بِالتَّقْوِيمِ وَهُنَا كُلٌّ يَجْهَلُ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَبِيعِ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ الْبُطْلَانَ، وَهَذَا التَّخْرِيجُ وَاضِحٌ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْبَيْعَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِعَيْنِ النَّقْدِ وَعَزَاهُ لِلْأَصْحَابِ، وَإِلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْوِيمِ الْمَبِيعِ فَإِنَّهُ قَالَ إذَا أَرَادَ الْقِيمَةَ نُظِرَ إلَى نَقْدِ الْبَلَدِ فَقَوَّمَا الْمَبِيعَ بِهِ وَقَوَّمَا مَالَ الْآخَرِ بِهِ وَيَكُونُ التَّقْوِيمُ حِينَ صَرْفِ الثَّمَنِ انْتَهَى، وَالتَّخْرِيجُ الْمَذْكُورُ ذَكَرَهُ فِي الشَّامِلِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ مَا مَرَّ وَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ وَغَيْرُهُ.
وَهُوَ الْوَجْهُ فَمَا قَالَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ خَلْطُ الْمَالَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزَانِ) صُورَةُ الْخَلْطِ الْمَانِعِ مِنْ التَّمْيِيزِ أَنْ يَتَّحِدَ الْمَالَانِ جِنْسًا وَنَوْعًا وَصِفَةً وَكَتَبَ أَيْضًا: وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَعْرِفُ مَالَهُ بِعَلَامَةٍ جَعَلَهَا عَلَيْهِ كَدَرَاهِمَ لَا يَعْرِفُهَا غَيْرُهُمَا، وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ التَّمْيِيزِ هَلْ تَصِحُّ الشِّرْكَةُ نَظَرًا إلَى حَالِ النَّاسِ أَوْ لَا نَظَرًا إلَى حَالِهِمَا، قَالَ فِي الْبَحْرِ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ اهـ وَالْمَنْعُ أَقْرَبُ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَلِفَ بَعْضُ الْمَالِ تَلِفَ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ وَتَعَذَّرَ إثْبَاتُ الشِّرْكَةِ ع وَقَوْلُهُ أَوَّلًا نَظَرًا إلَى حَالِهِمَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا اشْتَرَاكَ حَالَةَ الْعَقْدِ إلَخْ) لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْعُقُودِ الْمُشْتَقَّةَ مِنْ الْمَعَانِي يَجِبُ تَحَقُّقُ تِلْكَ الْمَعَانِي فِيهَا، وَمَعْنَى الشِّرْكَةِ الِاخْتِلَاطُ وَالِامْتِزَاجُ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَالَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُتَمَيِّزٌ عَنْ مَالِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَالْوَرَثَةُ شُرَكَاءُ فِي الْعُرُوضِ وَغَيْرِهَا مِمَّا وَرِثُوهُ، وَكَذَا لَوْ تَمَلَّكَهَا جَمَاعَةٌ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَخْ) قَالَ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ: وَهَذَا أَبْلَغُ فِي الِاشْتِرَاكِ مِنْ خَلْطِ الْمَالَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَا مِنْ جُزْءٍ هَاهُنَا إلَّا، وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَهُنَاكَ، وَإِنْ وَجَدَ الْخَلْطَ فَمَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُمْتَازٌ عَنْ مَالِ الْآخَرِ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ أَرَادَ الشِّرْكَةَ فِي الْعُرُوضِ بَاعَ إلَخْ) هَذَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطَا فِي التَّبَايُعِ الشِّرْكَةَ فَإِنْ شَرَطَاهَا فَسَدَ الْبَيْعُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ وَأَقَرَّهُ، وَلَوْ مَلَكَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَرَضًا، وَهُمَا مُتَّفِقَانِ فِي الْوَصْفِ وَالْقِيمَةِ كَثَوْبَيْنِ وَالْتَبَسَ أَحَدُهُمَا بِالْآخِرِ الْتِبَاسًا مَأْيُوسَ الزَّوَالِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ شِرْكَةً (قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَعْضَ عَرَضِهِ لِصَاحِبِهِ إلَخْ) أَوْ اشْتَرَيَا السِّلْعَةَ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَدْفَعُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَرَضَهُ بَدَلًا عَنْ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ التَّقَابُضُ لِيَسْتَقِرَّ الْمِلْكُ) ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ قَبْلَهُ لَا يَصِحُّ فَوَكِيلُهُ أَوْلَى وَكَتَبَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ إمَّا بِمِلْكٍ أَوْ بِإِذْنٍ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا جَائِزٌ (قَوْلُهُ مَجْهُولًا) الْمُتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ كَوْنُهُ مَفْعُولًا بِهِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى قَطْعِ النَّظَرِ إلَخْ) أَيْ صَحَّ الْعَقْدُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لِهَذَا دَنَانِيرُ وَهَذَا دَرَاهِمُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: الْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمَتْنِ بِرِعَايَةِ الْجَوَابِ عَنْهُ الْآتِي فِي خَلْطِ الْوَالِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْبَيْعَ) أَيْ الصَّحِيحَ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَخْرِيجَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّخْرِيجُ الْمَذْكُورُ ذَكَرَهُ فِي الشَّامِلِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: الِاحْتِمَالُ الَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ سَاقِطٌ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْقَوْلَيْنِ أَنْ لَا يَعْلَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا يَخُصُّهُ حَالَةَ الْعَقْدِ مِنْ الثَّمَنِ فَإِنْ عَلِمَاهُ أَوْ عَلِمَهُ أَحَدُهُمَا صَحَّ الْبَيْعُ قَطْعًا، وَهَذَا مَشْهُورٌ حَتَّى فِي التَّنْبِيهِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ كَانَ لِرَجُلَيْنِ عَبْدَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَبْدٌ فَبَاعَاهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ يَعْلَمْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالَهُ أَيْ عِنْدَ الْعَقْدِ بَطَلَ الْبَيْعُ وَمَسْأَلَتُنَا هَذِهِ إنْ اتَّفَقَتْ قِيمَةُ النَّقْدَيْنِ فَقَدْ عَلِمَ كُلُّ وَاحِدٍ مَالَهُ، وَإِنْ اخْتَلَفَ النَّقْدَانِ فَمَنْ لَهُ نَقْدُ الْبَلَدِ فَقَدْ عَلِمَ مَالَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَالثَّمَنُ هُنَا كَالثَّمَنِ هُنَاكَ.
وَقَوْلُهُ فِي الشَّامِلِ: إنَّ صُورَةَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بِالْعَيْنِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا لَوْ اشْتَرَيَاهُ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ نَقَدَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ يَكُونُ الْحُكْمُ هُوَ الصِّحَّةَ، وَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْوِيمِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي الذِّمَّةِ إذَا وُصِفَ اسْتَغْنَى عَنْ التَّقْوِيمِ قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ قَوْلُهُ: فَمَنْ لَهُ نَقْدُ الْبَلَدِ فَقَدْ عَلِمَ مَالَهُ حَالَةَ الْعَقْدِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَالَ