كَافِلٌ وَكُلُّهَا صَرَائِحُ وَفِي الْأَصْلِ لَفْظَةُ لَك بَعْدَ ضَمِنْت فَحَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ ذِكْرَهَا لَيْسَ بِشَرْطٍ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الظَّاهِرُ (وَقَوْلُهُ خَلِّ عَنْهُ وَالْمَالُ) الَّذِي لَك عَلَيْهِ (عَلَيَّ صَرِيحٌ) لِأَنَّ عَلَى لِلِالْتِزَامِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا) قَوْلُهُ خَلِّ عَنْهُ وَالْمَالُ (عِنْدِي وَإِلَيَّ) أَيْ أَوْ إلَيَّ أَوْ مَعِي فَلَيْسَ بِصَرِيحٍ لِاحْتِمَالِهِ غَيْرَ الِالْتِزَامِ، وَقَدْ تُسْتَشْكَلُ الثَّلَاثُ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ خَلِّ عَنْ مُطَالَبَتِهِ فَشَرْطٌ فَاسِدٌ، وَإِلَّا فَضَمَانٌ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ، وَهُوَ فَاسِدٌ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَالَ: أَبْرِئْ الْكَفِيلَ، وَأَنَا كَافِلُ الْمَكْفُولِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ خَلِّ عَنْ مُطَالَبَتِهِ الْآنَ أَيْ قَبْلَ الضَّمَانِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ أَوْ أَرَادَ خَلِّ عَنْهَا أَبَدًا لِمُنَافَاتِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ بِالْكُلِّيَّةِ (وَقَوْلُهُ أُؤَدِّي) الْمَالَ (وَأُحْضِرُ) أَيْ أَوْ أُحْضِرُ الْمَالَ أَوْ الشَّخْصَ (وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ) الْوَفَاءُ بِهِ لِأَنَّ الصِّيغَةَ لَا تُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ نَعَمْ إنْ صَحِبَهُ قَرِينَةُ الْتِزَامٍ فَيَنْبَغِي كَمَا فِي الْمَطْلَبِ صِحَّتُهُ (وَقَوْلُ كَفِيلٍ أَبْرَأَهُ الْمُسْتَحِقُّ) ثُمَّ وَجَدَهُ مُلَازِمًا لِلْخَصْمِ خَلِّهِ وَ (أَنَا بَاقٍ عَلَى الْكَفَالَةِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَأَنَا عَلَى مَا كُنْت عَلَيْهِ مِنْ الْكَفَالَةِ (كَافٍ) فِي أَنَّهُ صَارَ كَفِيلًا لِأَنَّهُ إمَّا مُبْتَدِئٌ بِالْكَفَالَةِ بِهَذَا اللَّفْظِ أَوْ مُخْبِرٌ بِهِ عَنْ كَفَالَةٍ وَاقِعَةٍ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ فُسِخَتْ الْكِتَابَةُ فَقَالَ السَّيِّدُ: أَقْرَرْتُك عَلَى الْكِتَابَةِ حَيْثُ لَمْ تَعُدْ الْكِتَابَةُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ الضَّمَانَ مَحْضُ غَرَرٍ وَغَبْنٍ فَكَفَى فِيهِ ذَلِكَ مِنْ الْمُلْتَزِمِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ وَنَحْوِهَا
(فَصْلٌ وَيَبْطُلُ الضَّمَانُ وَالْكَفَالَةُ) الْوَاقِعَانِ (بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلضَّامِنِ) فِي الْأُولَى (وَالْكَفِيلِ) فِي الثَّانِيَةِ لِمُنَافَاتِهِ مَقْصُودَهُمَا، وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُلْتَزِمَ فِيهِمَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ الْغَرَرِ أَمَّا شَرْطُهُ لِلْمُسْتَحِقِّ فَلَيْسَ بِمُبْطِلٍ؛ لِأَنَّ الْخِيَرَةَ فِي الْإِبْرَاءِ وَالطَّلَبِ إلَيْهِ أَبَدًا، وَشَرْطُهُ لِلْأَجْنَبِيِّ كَشَرْطِهِ لِلضَّامِنِ (وَ) يَبْطُلَانِ (بِالتَّوْقِيتِ) كَضَمِنْتُ أَوْ كَفَلْت إلَى رَجَبٍ (وَالتَّعْلِيقُ) بِوَقْتٍ أَوْ غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ: إذَا جَاءَ رَجَبٌ، أَوْ إنْ لَمْ يُؤَدِّ مَا لَكَ غَدًا فَقَدْ ضَمِنْت أَوْ كَفَلْت كَالْبَيْعِ فِيهِمَا (وَلَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ ضَمِنَ) أَوْ كَفَلَ (بِشَرْطِ خِيَارٍ) مُفْسِدٍ (وَبِتَوْقِيتٍ) فَكَذَّبَهُ الْمُسْتَحِقُّ (صُدِّقَ الْمُسْتَحِقُّ) بِيَمِينِهِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ تَبْعِيضِ الْإِقْرَارِ، وَقَوْلُهُ: وَبِتَوْقِيتٍ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَالْوَاوُ فِيهِ بِمَعْنَى أَوْ (وَإِنْ قَالَ) الضَّامِنُ أَوْ الْكَفِيلُ (لَا حَقَّ عَلَى مَنْ) ضَمِنْت أَوْ (كَفَلْت بِهِ صُدِّقَ الْمُسْتَحِقُّ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الضَّمَانَ وَالْكَفَالَةَ لَا يَكُونَانِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ أَيْ غَالِبًا، وَالتَّرْجِيحُ فِي أَنَّهُ إنَّمَا يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (فَإِنْ نَكَلَ) الْمُسْتَحِقُّ (حَلَفَ) الضَّامِنُ وَ (الْكَفِيلُ وَبَرِئَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (وَحْدَهُ) أَيْ دُونَ الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَالْمَكْفُولِ بِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ: وَحْدَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فِي هَذِهِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِيمَا لَوْ قَالَ الْكَفِيلُ: بَرِئَ الْمَكْفُولُ وَأَنْكَرَ الْمَكْفُولُ لَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ أَصْلُهُ (وَيَبْطُلُ) مَا ذُكِرَ (بِشَرْطِ زِيَادَةٍ عَلَى الْمَالِ لَا الْمُتَبَرَّعِ) أَيْ الزِّيَادَةِ (مِنْ الدَّيْنِ) كَأَنْ ضَمِنَ رَجُلًا بِأَلْفٍ وَشَرَطَ لِلْمَضْمُونِ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ كُلَّ شَهْرٍ دِرْهَمًا، وَلَا يَحْسِبُهُ مِنْ الدَّيْنِ وَلَا حَاجَةَ مَعَ قَوْلِهِ زِيَادَةٍ عَلَى الْمَالِ إلَى مَا بَعْدَهُ بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ إذْ لَيْسَ لَنَا زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ لِيُسْتَثْنَى مِنْ الدَّيْنِ فَلَوْ قَالَ بِشَرْطِ إعْطَاءِ مَالٍ لَا آخَرَ مِنْ الدَّيْنِ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ (وَ) تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ (بِقَوْلِهِ كَفَلْت بِزَيْدٍ فَإِنْ أَحْضَرْته وَإِلَّا فَبِعَمْرٍو) كَفَلْت أَمَّا كَفَالَةُ زَيْدٍ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهَا وَكَأَنَّهُ قَالَ كَفَلْت بِبَدَنِ هَذَا أَوْ ذَاكَ وَأَمَّا كَفَالَةُ عَمْرٍو فَلِتَعْلِيقِهَا (وَبِقَوْلِهِ) لِلْمَكْفُولِ لَهُ (أَبْرِئْ الْكَفِيلَ، وَأَنَا كَفِيلُ الْمَكْفُولِ) لِأَنَّهُ تَكَفَّلَ بِشَرْطِ إبْرَاءِ الْكَفِيلِ، وَهُوَ فَاسِدٌ، وَفِي نُسْخَةٍ، وَأَنَا كَافِلٌ بِالْمَالِ، وَكُلٌّ صَحِيحٌ لَكِنَّ الْمُوَافِقَ لِلْأَصْلِ الْأُولَى
(فَصْلٌ لَوْ نَجَّزَ الْكَفَالَةَ وَأَجَّلَ الْإِحْضَارَ بِمَعْلُومٍ) نَحْوُ أَنَا كَفِيلٌ بِزَيْدٍ أُحْضِرُهُ بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ ضَمِنْت إحْضَارَهُ بَعْدَ شَهْرٍ (جَازَ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ وَلِأَنَّهُ الْتِزَامٌ بِعَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ فَجَازَ مُؤَجَّلًا كَالْعَمَلِ فِي الْإِجَارَةِ (فَإِنْ أَحْضَرَهُ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْأَجَلِ (فَكَمَا سَبَقَ فِي الْمَكَانِ) الَّذِي شَرَطَ التَّسْلِيمَ فِيهِ، وَقَدْ مَرَّ وَخَرَجَ بِالْمَعْلُومِ مَا لَوْ أَجَّلَ بِمَجْهُولٍ كَالْحَصَادِ فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ (وَلَوْ ضَمِنَ الْحَالَّ مُؤَجَّلًا بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ أَوْ عَكَسَ) أَيْ ضَمِنَ الْمُؤَجَّلَ حَالًّا (صَحَّ) إذْ الضَّمَانُ تَبَرُّعٌ فَيُحْتَمَلُ فِيهِ اخْتِلَافُ الدَّيْنَيْنِ فِي الصِّفَةِ لِلْحَاجَةِ (وَلَزِمَ الْوَفَاءُ) فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَوْ تَكَفَّلَ بِالْمَالِ وَالْبَدَنِ فَقَالَ ضَمِنْت مَالَك عَلَى فُلَانٍ وَتَكَفَّلْت بِبَدَنِهِ صَحَّ وَيَكُونُ ضَامِنًا وَكَفِيلًا وَلَوْ تَكَفَّلَ بِدَيْنٍ بِرَهْنٍ صَحَّ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنَّ صِحَّتَهُ قَرِينَةٌ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: لَكِنَّ الْقَرَائِنَ لَا تَنْفُلُ اللَّفْظَ إلَى الصَّرِيحِ (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي كَمَا فِي الْمَطْلَبِ صِحَّتُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ بِكَلَامٍ لِلْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ كِنَايَةٌ فَإِنَّ الْعَامِّيَّ يَقْصِدُ بِهِ الِالْتِزَامَ فَإِذَا اعْتَرَفَ بِقَصْدِهِ بِهِ الضَّمَانَ أَوْ الْكَفَالَةَ أُلْزِمَ بِذَلِكَ. اهـ. قَالَ وَالِدِي: وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْبَغَوِيّ: لَوْ قَالَ: دَارِي لِزَيْدٍ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ، فَإِنْ قَالَ: قَصَدْت بِالْإِضَافَةِ كَوْنَهَا مَعْرُوفَةً بِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَزِمَهُ الْإِقْرَارُ فس، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ: أُطَلِّقُ وَأَرَادَتْ الْإِنْشَاءَ فَإِنَّهُ يَقَعُ حَالًّا، وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَلَوْ قَالَ: خَلِّ عَنْ فُلَانِ، وَالدَّيْنُ الَّذِي لَك عَلَيْهِ إلَيَّ أَوْ مَعِي أَوْ عِنْدِي فَهُوَ كِنَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَأَنَا عَلَى مَا كُنْت عَلَيْهِ مِنْ الْكَفَالَةِ) مِثْلُهُ فَقَدْ عُدْت إلَى مَا كُنْت عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الضَّمَانَ مَحْضُ غَرَرٍ وَغَبْنٍ إلَخْ) وَبِأَنَّ مُعْظَمَ الِاعْتِمَادِ فِي الْكِتَابَةِ عَلَى التَّعْلِيقِ، وَهَذَا اللَّفْظُ لَا يَصْلُحُ لَهُ بِخِلَافِ الْكَفَالَةِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الضَّمَانَ وَالْكَفَالَةَ لَا يَكُونَانِ إلَخْ) وَلِأَنَّ الْكَفِيلَ بِإِقْدَامِهِ عَلَى الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ مُصَدِّقٌ بِأَنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ تَصْدِيقَ الْمَكْفُولِ لَهُ لَا أَنَّ تَقَدُّمَ الثُّبُوتِ فِي الظَّاهِرِ شَرْطٌ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِثُبُوتِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَلْ الْمُرَادُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ
(قَوْلُهُ فَكَمَا سَبَقَ فِي الْمَكَانِ) فَيُنْظَرُ هَلْ لَهُ غَرَضٌ فِي الِامْتِنَاعِ كَتَأْجِيلِ الدَّيْنِ أَوْ غَيْبَةِ الْبَيِّنَةِ أَمْ لَا غَرَضَ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ ضَمِنَ الْحَالَّ مُؤَجَّلًا بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ أَوْ عَكَسَ صَحَّ إلَخْ)